(وَاشْتُرِطَ شَرِيكٌ يَجْلِسُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ) أَيْ وُجُودُهُ بِشَرْطِ أَنْ تَلِيقَ بِهِ مُجَالَسَتُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ فَاسِقًا وَلَا مَشْهُورًا بِنَحْوِ مُجُونٍ أَوْ خَلَاعَةٍ، وَلَا شَدِيدَ الْعَدَاوَةِ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ هُنَا أَعْظَمُ بِطُولِ مُصَاحَبَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ اشْتَرَطَ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ نَحْوُ بَرَصٍ وَأَنْ يُوَافِقَهُ عَلَى الرُّكُوبِ بَيْنَ الْمَحْمَلَيْنِ إذَا نَزَلَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَيَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ وَفَاؤُهُ. بِذَلِكَ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ وَغَيْرِهِ تَعَيُّنُ الشَّرِيكِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَحْمِلِ بِتَمَامِهِ؛ لِأَنَّ بَذْلَ الزِّيَادَةِ خُسْرَانٌ لَا مُقَابِلَ لَهُ لَكِنْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ مَتَى سَهُلَتْ مُعَادَلَتُهُ بِمَا يَحْتَاجُ لِاسْتِصْحَابِهِ أَوْ يُرِيدُهُ مِنْهُ تَعَيَّنَتْ هِيَ أَوْ الشَّرِيكُ (وَمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) أَيْ مَكَّةَ (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ) ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَرَفَةَ مَرْحَلَتَانِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ قَرُبَ مِنْ عَرَفَةَ وَبَعُدَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يُعْتَبَرْ (وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى الْمَشْيِ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ) لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ غَالِبًا.

(فَإِنْ ضَعُفَ) عَنْ الْمَشْيِ بِحَيْثُ يَلْحَقُهُ بِهِ الْمَشَقَّةُ السَّابِقَةُ (فَكَالْعَبْدِ) فِيمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِالْمَشْيِ نَحْوُ الْحَبْوِ فَلَا يَجِبُ مُطْلَقًا لِعِظَمِ مَشَقَّتِهِ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ) السَّابِقَيْنِ وَمِثْلُهُمَا ثَمَنُهُمَا وَأُجْرَةُ خِفَارَةٍ وَنَحْوُ مَحْرَمِ امْرَأَةٍ وَقَائِدِ أَعْمَى وَمَحْمِلٍ اُشْتُرِطَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ مُؤَنِ السَّفَرِ (فَاضِلَيْنِ عَنْ دَيْنِهِ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ أَوْ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى كَنَذْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَنِيَّةَ قَدْ تَخْتَرِمُهُ فَتَبْقَى الذِّمَّةُ مُرْتَهِنَةً وَبِفَرْضِ حَيَاتِهِ قَدْ لَا يَجِدُ بَعْدَ صَرْفِ مَا مَعَهُ لِلْحَجِّ مَا يَسُدُّ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَضْيِيقِ الْحَجِّ وَعَدَمِهِ، لَكِنْ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ الدَّيْنَ نَاجِزٌ وَالْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي خِلَافُهُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ كَاجْتِمَاعِ الدَّيْنِ وَالزَّكَاةِ أَوْ الْحَجِّ فِي التَّرِكَةِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ وَلِأَنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ صَرَّحُوا بِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ كَالْحَالِّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ نِجَازَ الدَّيْنِ غَيْرُ شَرْطٍ فَكَذَا تَرَاخِي الْحَجِّ، وَدَيْنُهُ الْحَالُّ عَلَى مَلِيءٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَنْسَبَ لِلْإِيجَابِ بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَاشْتُرِطَ إلَخْ) أَيْ: فِي حَقِّ رَاكِبِ الْمَحْمِلِ وَنَحْوِهِ أَيْضًا نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ تَلِيقَ إلَخْ) أَيْ: وَقَدَرَ عَلَى مُؤْنَتِهِ أَوْ أُجْرَتِهِ إنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِهَا شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ تَلِيقَ بِهِ مُجَالَسَتُهُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي الْإِيعَابِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا ذَا مُرُوءَةٍ تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ إنْ كَانَ الْآخَرُ كَذَلِكَ اهـ وَلَمْ أَرَ إذَا كَانَ الْآخَرُ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْإِيعَابِ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ مُجُونٍ) ، وَهُوَ عَدَمُ الْحَيَاءِ مِنْ فِعْلٍ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ نَحْوُ بَرَصٍ) أَيْ: كَالْجُذَامِ نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ وَغَيْرِهِ تَعَيُّنُ الشَّرِيكِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ الْأَوْجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ سَهُلَتْ الْمُعَادَلَةُ بِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَخْشَ مَيْلًا وَرَأَى مَنْ يُمْسِكُ لَهُ لَوْ مَالَ عِنْدَ نُزُولِهِ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَةٍ اكْتَفَى بِهَا وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ تَعَيُّنُ الشَّرِيكِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَتَى سَهُلَتْ مُعَادَلَتُهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّءُوفِ وَقِيَاسُ الشَّرِيكِ اللِّيَاقَةُ اهـ أَيْ فِي الْأَمْتِعَةِ وَفِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ وَمَنْ يَلِيقُ بِهِ الرُّكُوبُ بِنَحْوِ هَوْدَجٍ كَمَقْعَدٍ مُرَبَّعٍ يُوضَعُ بَيْنَ الْجُوَالِقِ لَا يَحْتَاجُ لِشَرِيكٍ اهـ وَنَحْوُهُ فِي عَبْدِ الرَّءُوفِ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ وَفِي الْوَنَائِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَبَرْ) أَيْ: هَذَا الْقُرْبُ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَثَانِيهَا وُجُودُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ وَلَوْ قَرُبَ مِنْ عَرَفَةَ رَاحِلَةٌ إلَخْ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (يَلْزَمُهُ الْحَجُّ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَهُوَ قَوِيٌّ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ مَشَقَّةٌ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَنَّائِيٌّ وَلَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي الْمَشَقَّةُ السَّابِقَةُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوِيِّ هُنَا مَنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِالْمَشْيِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ) أَيْ: فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلَّا الْمَرْأَةَ وَنَّائِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَكَالْبَعِيدِ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ وُجُودُ الرَّاحِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: نَحْوُ الْحَبْوِ) أَيْ: كَالزَّحْفِ نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ مُطْلَقًا) أَيْ: وَإِنْ أَطَاقَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا ثَمَنُهُمَا) قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِمَا فَاضِلَيْنِ فَضْلُ عَيْنِهِمَا إنْ وُجِدَا عِنْدَهُ وَثَمَنُهُمَا إنْ لَمْ يُوجَدَا عِنْدَهُ سم.

(قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ خُفَارَةٍ) هِيَ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا الْحِرَاسَةُ مُخْتَارٌ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوُ مُحْرِمٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقَائِدِ إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى خُفَارَةٍ،

وَ (قَوْلُهُ: وَمَحْمِلٍ إلَخْ) كَقَوْلِهِ وَأُجْرَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى ثَمَنِهِمَا قَوْلُ الْمَتْنِ (فَاضِلَيْنِ إلَخْ) أَيْ: عِنْدَ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ وَنَّائِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُؤَجَّلًا) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنِيَّةَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَبِفَرْضِ حَيَاتِهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ جِهَةٌ تَرْجُو الْوَفَاءَ مِنْهَا عِنْدَ حُلُولِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش وَيَمْنَعُ ظُهُورَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) ثُمَّ قَوْلُهُ عَنْهُمْ (وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ اتِّصَافَهُ بِالتَّضَيُّقِ أَوْ التَّرَاخِي فَرْعُ الْوُجُوبِ وَالْكَلَامُ بَعْدُ فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ فَتَأَمَّلْهُ، فَإِنَّهُ دَقِيقٌ سم.

(قَوْلُهُ: بَيْنَ تَضَيُّقِ الْحَجِّ) أَيْ: كَأَنْ خَافَ الْعَضْبَ أَوْ الْمَوْتَ.

(قَوْلُهُ: عَلَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنِيَّةَ قَدْ تَخْتَرِمُهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) أَيْ: تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ الدَّيْنَ نَاجِزٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَدَيْنُهُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَآلَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلِعَمْرِ اللَّهِ إنَّ هَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ لِلْمُتَأَمِّلِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ مَتَى سَهُلَتْ مُعَادَلَتُهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ سَهُلَتْ الْمُعَادَلَةُ بِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَخْشَ مَيْلًا وَرَأَى مَنْ يُمْسِكُ لَهُ لَوْ مَالَ عِنْدَ نُزُولِهِ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَةٍ اكْتَفَى بِهَا وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ تَعَيُّنُ الشَّرِيكِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا ثَمَنُهُمَا إلَخْ) قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِمَا فَاضِلَيْنِ فَضْلُ عَيْنِهِمَا إنْ وُجِدَا عِنْدَهُ وَثَمَنِهِمَا إنْ لَمْ يُوجَدَا عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَاضِلَيْنِ عَنْ دَيْنِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا اعْتِبَارُ الْفَضْلِ عَنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ نَعْتَبِرْ الْفَضْلَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِطْرَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا اعْتِبَارَ الْفَضْلِ هُنَا وَلَمْ يَحْكُوا فِيهِ خِلَافًا مَعَ حِكَايَتِهِمْ الْخِلَافَ هُنَاكَ وَالْفَرْقُ مُمْكِنٌ بِحَقَارَةِ الْفِطْرَةِ غَالِبًا بِالنِّسْبَةِ لِلدَّيْنِ فَسُومِحَ بِوُجُوبِهَا مَعَ الدَّيْنِ عَلَى أَحَدِ الرَّأْيَيْنِ بِخِلَافِ مُؤَنِ الْحَجِّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَضْيِيقِ الْحَجِّ وَعَدَمِهِ) ثُمَّ قَوْلُهُ عَنْهُمْ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ اتِّصَافَهُ بِالتَّضْيِيقِ أَوْ التَّرَاخِي فَرْعُ الْوُجُوبِ وَالْكَلَامُ بَعْدُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015