فلما قرأ هؤلاء العلماء هذه الرسالة صاروا في أمر مريج، فهم لم يكونوا من الشجاعة في قول الحق ما يجعلهم يقفون إلى جانب صاحب الترجمة، ولا هم من ضعف الإيمان بالدرجة التي تجعلهم ينكرون على صاحب الترجمة ما جاء في رسالته جملة وتفصيلاً.
وقد انتهى الأمر بأن أبلغ العلماء الإمام بموقف صاحب الترجمة وإصراره على عقيدته في الإمام، فما كان منه إلا أن أذن له بالعودة إلى معمرة ليبعده عن صنعاء فعاد بعد أن أدى ما أوجب الله عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولكنه بقي في نفس الإمام عليه من الكره والحقد والألم مالا تستطيع السنون محوه، ولهذا فإنه ما كاد الخلاف بين صاحب الترجمة وبين بعض علماء معمرة المتعصبين لمذهبهم الزيدي الهادوي يستطير لإعلانه وجوب التمسك بالعمل بالكتاب وصحيح السنة كالأذان بالتربيع وحذف (حي على خير العمل) والرفع والضم والتأمين في الصلاة حتى تصدى له حسين بن محمد الشرفي ومنعه من الأذان في المسجد فكان يؤذن من سطح داره أذان أهل السنة، وكان إذا قال في الصلاة آمين ومدّ بها صوته عارضه حسين الشرفي بقوله: (طاعون!) مما حمله بعد أن لاقى من المتاعب في سبيل نشر السنة ما لاقى أن وصف "شرح الأزهار" -كما أخبرني أخوه القاضي لطف بن محمد ابن لطف بن محمد شاكر- بأنه طاغوت الزيدية، وذلك لما يوجد فيه من مسائل مخالفة لنصوص الكتاب والسنة، فقد يذكر في المسائل الخلافية الأدلة من الكتاب أو من السنة أو كليهما فإذا لم يأخذ المذهب بها فإن أتباعه