وقال:
ألمَّتْ وقد نام الرقيبُ وهوَّما ... وأسرت إلى وادي العقيق من الحمى
وراحتْ إلى نجدٍ فراح مُنَجَّداً ... ومرَّت بنعمانٍ فأضحى منعما
وجرَّتْ على تُرْبِ المحصّب ذيلَها ... فما زال ذاك التربُ نهباً مقسما
تناقلُهُ أيدي الرِّجالِ لطيبه ... ويحمله الداريُّ أيَّانَ يمما
ولما رأتْ أن لا ظلامَ يُجِنُّها ... وأن سُراها فيه لن يتكتما
سَرَتْ عذبات الريط عن حُرِّ وجهها ... فأبدت شعاعاً يرجع الصُّبح معلما
فكان تجلِّيها حجابَ جمالها ... كشمس الضُّحى يعشَى بها الطَّرف كلَّما
ولما رأتْ زُهرَ الكواكبِ أنَّها ... هي النيِّرُ الأسمى وإن كنَّ بالسَّما
بكتْ أسفاً أن لم تَفُزْ بجوارها ... وأسعدَها صوبُ الغمامِ فأسْجَما
تجلَّت يمُجُّ القطرَ ريَّانُ بُرْدها ... فتنفضُهُ كالدُّرّ فذاً وتوأما
يضم عليها الماء فضل ثيابها ... كما بلَّ سِقْطُ الطّلِّ نَوْراً مُكمَّما
ويَفتَقُ نَضْحُ الغيثِ طيّبَ عَرفها ... نسيم الصّبا بين العَرار تنسّما
جلَتْ عن ثناياها وأومَضَ برقُها ... فلم أدر من شَقَّ الدُّجُنَّةَ منهما
وساعدني جَفْنُ الغمام على البكا ... فلم أدر وَجْداً أيَّنا كانَ أسجَمَا
ونظَّمَ سِمْطَيْ ثغرها ووشاحها ... فأبصرتُ دُرَّ الثغر أحلَى وأنْظما
تقول وقد ألْمَمْتُ أطرافَ كمِّها ... يديَّ وقد أنْعَلْتُ أخمصَها الفما
نشدتُك لا يذْهَبْ بك الشوق مذْهباً ... يُسهِّلُ صعباً أو يُرخِّصُ مَأْثَما
فأقصرتُ لا مُستغنياً عن نوالها ... ولكن رأيت الصَّبر أوفى وأكرما