ضاجعتُه واللَّيلُ يُذكي تحته ... نارَيْن من نفسي ومن وَجناتهِ
بِتنا نُشعشع والعفافُ نديمُنا ... خمرَيْن من غَزَلي ومن كلماتهِ
فضممتُه ضمَّ البَخيل لمالِهِ ... أحنُو عليه من جَميع جهاتهِ
أوثقتُه في ساعديَّ لأنه ... ظبيٌ خَشيتُ عليه من فَلتاتهِ
والقلبُ يدعو أن يُصيَّر ساعداً ... ليفوز بالآمال في ضمَّاتهِ
حتَّى إذا هامَ الكرَى بجفونِهِ ... وامتدَّ في عَضُديَّ طَوْعَ سِناته
عَزم الغرامُ عليَّ في تَقبيله ... فنفضتُ أيدي الطَّوْعِ من عَزماته
وأبى عفافي أن أقبِّلَ ثَغره ... والقلبُ مَطويٌّ على جَمَراتهِ
فاعجبْ لمُلْتَهِب الجوانح غُلَّةً ... يشكو الظَّما والماءُ في لَهَواتهِ
وسبقه بهذا أبو بكر يحيى بن أحمد بن بَقي الإشبيلي، في القصيدة المشهورة إذ يقول:
بأَبي غزالٌ غازلتْهُ مُقلتي ... بين العُذيبِ وبين شَطَّي بارقِ
وله:
أَعِذاره رفْقاً عليه فقد ... صَدر الصِّبا غضبانَ عنك أسِفْ
كيف انبريتَ لنُون وَجنته ... فمحوتَها وكتبت لامَ ألِفْ
فكأنَّها نهيٌ لعاشقه ... لا تلتفتْ بدرٌ جَنى فكُسِفْ
وله في وسيم أثَّرت الشَّمس في وجنته:
ومُعَنْدم الوَجنات تَحسب أنَّه ... صُبغتْ بُرود الوَرد في وَجناتِهِ
مَثلَ الجمالُ بخدِّه مُتنبِّئاً ... فشهِدْت أنَّ الخالَ من آياتِهِ
نظرتْ إليه أختُهُ شمسُ الضُّحى ... وإياتُها في النُّور دون إياتِهِ
فتوقَّدت أحشاؤها من زَفرة ... فبدا شعاعُ النَّار في مرآتِهِ