ثمَّ الْقَضَاء لَهُ وَاجِبَات وآداب فَأَما الْوَاجِبَات فَمِنْهَا أَنه يجب على القَاضِي أَن يقْضِي فِي كل حَادِثَة بِمَا يثبت عِنْده أَنه حكم الله تَعَالَى إِمَّا بِدَلِيل قَطْعِيّ نَحْو نَص الْكتاب مُفَسرًا لَا شُبْهَة فِي مَعْنَاهُ أَو السّنة المتواترة أَو الْمَشْهُورَة أَو الْإِجْمَاع وَإِمَّا بِدَلِيل ظَاهر مُوجب للْعَمَل كظاهر النَّص من الْكتاب وَالسّنة وَالْقِيَاس وَذَلِكَ فِي مَوضِع لَا إِجْمَاع فِيهِ بَين الْفُقَهَاء
وَإِن كَانَ مُخْتَلفا فِيهِ أَو لم تكن وَاقعَة أَو كَانَت وَاقعَة وَلَا رِوَايَة فِي جوابها عَن السّلف يجب عَلَيْهِ أَن يعْمل بِرَأْي نَفسه إِن كَانَ من أهل الِاجْتِهَاد وَإِن لم يكن من أهل الِاجْتِهَاد يخْتَار قَول من هُوَ أفقههم وأورعهم
وَلَو كَانَ القَاضِي من أهل الِاجْتِهَاد لَكِن لم ينظر فِي دَلِيل الْمَسْأَلَة وَاعْتمد على اجْتِهَاد من هُوَ أفقه مِنْهُ هَل يجوز لَهُ الْقَضَاء بِهِ على قَول أبي حنيفَة جَازَ وعَلى قَوْلهمَا لَا يجوز إِلَّا وَأَن يعْمل بِاجْتِهَاد نَفسه ذكر الِاخْتِلَاف فِي كتاب الْحُدُود
وَمِمَّا يجب عَلَيْهِ أَيْضا أَن يقْضِي بِمَا ثَبت عِنْده بِالْبَيِّنَةِ أَو الْإِقْرَار أَو يكون الْمُدعى بِهِ مِمَّا يدْخل فِيهِ النّكُول لِأَن الشَّرْع جعل هَذِه الْجُمْلَة حجَّة فِي حَقه وَلَكِن لَا بُد من أَن يثبت عَدَالَة الشُّهُود عِنْده بالسؤال عَنْهُم مِمَّن لَهُ علم بأحوالهم فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة فعدلوه وَقَالُوا هُوَ جَائِز الشَّهَادَة
وَأما الْقَضَاء بِعلم نَفسه بالمعاينة أَو بِسَمَاع الْإِقْرَار أَو بمشاهدة الْأَحْوَال فَإِن قضى بِعلم حَادث لَهُ فِي زمَان الْقَضَاء وَفِي مَكَانَهُ فِي الْأَمْلَاك الْمُرْسلَة والحقوق من الطَّلَاق وَالْعتاق وَنَحْوهمَا وَفِي