الْقَضَاء فَرِيضَة محكمَة يجب على من وجد فِي حَقه شَرَائِط الْقَضَاء من الْولَايَة على الْمقْضِي عَلَيْهِ بِتَسْلِيم الْمقْضِي بِهِ إِلَى الْمقْضِي لَهُ وَهُوَ السُّلْطَان أَو من يقوم مقَامه لِأَن هَذَا من بَاب إنصاف الْمَظْلُوم من الظَّالِم وَهَذَا مفوض إِلَى الْخُلَفَاء والسلاطين غير أَنهم إِذا عجزوا بِأَنْفسِهِم إِمَّا لعدم الْعلم أَو لاشتغالهم بِأُمُور أخر يجب عَلَيْهِم أَن يقلدوه من كَانَ يصلح لَهُ مِمَّن هُوَ من أفقه النَّاس بحضرتهم وأورعهم
فَإِن وجدوا اثْنَيْنِ أَحدهمَا أفقه وَالْآخر أورع فالأورع أولى لِأَنَّهُ يُمكنهُ أَن يقْضِي بِعلم غَيره وَلَا بُد من الْوَرع حَتَّى لَا يتَجَاوَز حد الشَّرْع وَلَا يصور الْبَاطِل بِصُورَة الْحق طَمَعا فِي الرِّشْوَة
وَيجب على من استجمع فِيهِ شَرَائِط الْقَضَاء أَن يقبله إِذا قلدوه حَتَّى لَو امْتنع يَأْثَم إِلَّا إِذا كَانَ فِي الْعلمَاء بحضرتهم مِمَّن يصلح لَهُ كَثْرَة فَلَا بَأْس بِأَن يعْتَذر بِعُذْر فَيدْفَع عَن نَفسه إِلَى غَيره لِأَنَّهُ لَيْسَ بمتعين لذَلِك وَالَّذِي تعين لَا يحل لَهُ الِامْتِنَاع إِذا قلد وَلَكِن لَا يَنْبَغِي أَن يطْلب لِأَنَّهُ رُبمَا لَا يُقَلّد فَيذْهب مَاؤُهُ وَحُرْمَة علمه