محمد صلى الله عليه وسلم، ووفق للاستدلال بآيات الله ومخلوقاته، التي نصبها شاهدة ودالة على توحيده في ربوبيته، فذلك أكمل إيماناً، وأتم علماً وإيقاناً، يرى كفر من تعلق على غير الله، ودعاه فيما يختص بالله من أوضح الواضحات، وأبين البينات.
قال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . [الشورى:9] . استدل بعموم قدرته وإيجاده وإحيائه الموتى على وجوب توليه بعبادته وحده لا شريك له.
والقرآن والسنة يدلان على هذا، ويقررانه بأنواع الدلالات، وألطف التقريرات.
والآية التي استدل بها ليس فيها ما يدل على دعواه، بل فيها ما يبطلها ويدحضها1، فإن أول الآية نص على وجوب التوحيد، وإفراد الله بالعبادة والاستقامة على ذلك بالتزام حقوقه وواجباته، وتنزل الملائكة ومخاطبتهم للمؤمن بهذا الخطاب، وتوليهم2 له لا يدل على أنه يفعل ويشفع، وإنما يدل على كرامته، وعلو درجته، ونيل مشتهاه، ومدعاه في دار الكرامة.
فأين في هذا ما يدل على أنه يدعى في حياته، أو بعد مماته؟ وفي الحديث: "من قال في القرآن برأيه فليتبوأ3 مقعده من النار".