فأكثرُه دون ما أعطيه المسيح، ومع ذلك فالاحتجاج به على دعائهم من جنس حجج النصارى، لا يدل على المدَّعَى، بل غايته أن يدل1 على علو الدرجة، وصدق الرسالة، أو ثبوت الولاية إذا اقترن به عمل صالح.
وأما الاستدلال بذلك على أنه يدعى ويرجى، ويشفع وينفع، فهذا من دين النصارى، والصائبة، وعباد الأصنام.
وهذه الشبهة هي التي أوقعت في الشرك جمهور المشركين، فإن أصل عبادة الأصنام هو التعلق على الصالحين، وتصوير صورهم وتماثيلهم. بل عباد الكواكب دعاهم إلى عبادتها ما أودع الله فيها من الحِكم والمنافع التي ظهرت آثارها في هذا العالم، كما يعرفه من عرف مذاهب القوم.
وطرد الدليل الذي استدل به العراقي: أن يقال بدعاء كل ذي كرامة وقربة2، إذا اعتقد أن الفاعل هو الله، ولا يتوجه الإنكار على النصارى في قولهم: يا عيسى افعل كذا، يا روح القدس أعطني كذا، ويا والدة المسيح اشفعي لنا إلى الإله، لأنه من أولي العزم، ومن أكابر أهل الكرامات.
والمسلم إذا تصور هذا ظهر له ما فيه من الجهل والضلال، بمجرد الفطرة، ومعرفة الإسلام، وأما من رزق الفهم فيما جاء به