جهد الْبلَاء) بِفَتْح الْجِيم وَرُوِيَ بضَمهَا وَقيل هُوَ بِالْفَتْح كل مَا أصَاب الْإِنْسَان من شدَّة الْمَشَقَّة وبالضم مَا لَا طَاقَة لَهُ بِحمْلِهِ وَلَا قدرَة لَهُ على دَفعه وَالْبَلَاء مَمْدُود
استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جهد الْبلَاء لِأَن ذَلِك مَعَ مَا فِيهِ من الْمَشَقَّة على صَاحبه قد يحصل بِهِ التَّفْرِيط فِي بعض أُمُور الدّين وَقد يضيق صَدره بِحمْلِهِ فَلَا يصبر فَيكون ذَلِك سَببا فِي الْإِثْم (قَوْله ودرك الشَّقَاء) الدَّرك رُوِيَ بِفَتْح الْمُهْملَة وإسكانها فبالفتح الِاسْم وبالإسكان الْمصدر وَهُوَ شدَّة الْمَشَقَّة فِي أُمُور الدُّنْيَا وضيقها عَلَيْهِ وَحُصُول الضَّرَر الْبَالِغ فِي بدنه أَو أَهله أَو مَاله وَقد يكون بِاعْتِبَار الْأُمُور الأخروية وَذَلِكَ بِمَا يحصل عَلَيْهِ من التبعة والعقوبة بِسَبَب مَا اكْتَسبهُ من الْوزر واقترفه من الْإِثْم استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك لِأَنَّهُ النِّهَايَة فِي الْبلَاء والغاية فِي المحنة وَقد لَا يصبر من امتحنه الله بِهِ فَيجمع بَين التَّعَب عَاجلا والعقوبة آجلا (قَوْله وَسُوء الْقَضَاء) هُوَ مَا يسوء الْإِنْسَان ويحزنه من الْأَقْضِيَة الْمقدرَة عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَعم من أَن يكون فِي دينه أَو فِي دُنْيَاهُ أَو فِي نَفسه أَو فِي أَهله أَو فِي مَاله وَفِي الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك مَا يدل على أَنه لَا يُخَالف الرِّضَا بِالْقضَاءِ فَإِن الِاسْتِعَاذَة من سوء الْقَضَاء هِيَ من قَضَاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقدره وَلِهَذَا شرعها لِعِبَادِهِ وَمن هَذَا مَا ورد فِي قنوت الْوتر السَّابِق بِلَفْظ وقني شَرّ مَا قضيت
وَالْحَاصِل أَنَّهَا قد وَردت السّنة الصَّحِيحَة بِبَيَان أَن الْقَضَاء بِاعْتِبَار الْعباد يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ خير وَشر فَإِنَّهُ قد شرع لَهُم الدُّعَاء بالوقاية من شَره والاستعاذة مِنْهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا ورد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيَان معنى الْإِيمَان لمن سَأَلَهُ عَنهُ بقوله أَن نؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْقدر خَيره وشره كَمَا هُوَ ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهمَا من طرق فَإِنَّهُ يُمكن أَن يكون الْإِنْسَان مُؤمنا بِمَا قَضَاهُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من خير وَشر مستعيذا بِاللَّه من شَرّ الْقَضَاء عملا بِمَجْمُوع الْأَدِلَّة فَحَدِيث الْإِيمَان بِالْقضَاءِ كَمَا دلّ على أَنه من جملَة مَا يصدق عَلَيْهِ مَفْهُوم مُطلق الْإِيمَان دلّ على أَن الْقَضَاء منقسم إِلَى مَا هُوَ خير وَإِلَى مَا هُوَ شَرّ كَمَا قَالَ وَالْقدر خَيره وشره ثمَّ بَين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا وَقع مِنْهُ من الِاسْتِعَاذَة من شَرّ الْقَضَاء أَن ذَلِك جَائِز للعباد بل