الْإِقْرَار بِالتَّوْحِيدِ فَلَمَّا فرضت الْفَرَائِض وَحدث الْحُدُود نسخ ذَلِك وَمن الْقَائِلين بِهَذَا الضَّحَّاك وَالزهْرِيّ وَالنَّوَوِيّ وَلَا يخفاك أَن هَذَا مُجَرّد رَأْي بحث لم يعضد بِدَلِيل وَلَا يُنَافِي ذَلِك وُرُود الْعُقُوبَات الْمعينَة على ترك فَرِيضَة من فَرَائض الله تَعَالَى فَإِن الْجمع مُمكن من دون إهدار لهَذِهِ الْأَدِلَّة الصَّحِيحَة المتواترة وَمن شكّ فِي تواترها فَليرْجع إِلَى دواوين الحَدِيث فَإِنَّهُ سيقف على ذَلِك بأيسر بحث فَكيف يَدعِي نسخ مَا هُوَ متواتر بِمُجَرَّد الرَّأْي والاستبعاد فَإِن كَانَ ذَلِك لقصد أَن لَا يتكل النَّاس على هَذِه الْمنح الربانية فَذَلِك مُمكن بِدُونِ تقينط لعباد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ومجازفة فِي دَعْوَى النّسخ لشرائعه الَّتِي شرعها على لِسَان رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَت طَائِفَة أَنه لَا حَاجَة إِلَى دَعْوَى النّسخ من غير دَلِيل وَزَعَمُوا أَن الْقيام بفرائض الدّين وتجنب منهياته هُوَ من لَوَازِم الْإِقْرَار بِهَذِهِ الشادة وَمن تتماته وَقَالَت طَائِفَة ثَالِثَة إِن التَّلَفُّظ بِهَذِهِ الشَّهَادَة سَبَب لدُخُول الْجنَّة والعصمة من النَّار بِشَرْط أَن يَأْتِي بالفرائض ويتجنب الْمُحرمَات وَإِن عدم الْإِتْيَان بالواجبات وَعدم اجْتِنَاب الْمُحرمَات مَانع لما تَقْتَضِيه هَذِه الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْكَثِيرَة وَهَذِه الْأَقْوَال كَمَا ترى لم ترْبط بِمَا يشد من عضدها وَلم يعبأ بهَا وَيَقْتَضِي قبُولهَا وَلَا بنيت على أساس قوي وَلَا على رَأْي سوي ورد جحد للنعمة وإنكاره كفران لَهَا وَالْهِدَايَة إِلَى الْحق بيد الْوَهَّاب الْعَلِيم وَمِمَّا يدْفع هَذِه التأويلات مَا وَقع فِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ الْآتِي بعد هَذَا بِلَفْظ أدخلهُ الله الْجنَّة على مَا كَانَ مِنْهُ من عمل وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا (قَوْله وَحَدِيث البطاقة) بِكَسْر الْبَاء وَهِي رقْعَة صَغِيرَة يكْتب فِيهَا مَا يُرَاد كِتَابَته (قَوْله سجلات) بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَالْجِيم وَتَشْديد اللَّام جمع سجل وَهُوَ الصَّحِيفَة وَقيل الْكتاب الْكَبِير //
(من قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وَابْن أمته وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَأَن الْجنَّة حق وَالنَّار حق أدخلهُ الله من أَي أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية شَاءَ (خَ. م))