التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّعَاء مخ الْعِبَادَة (قَوْله الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة) هَذِه الصّفة الْمُقْتَضِيَة للحصر من جِهَة تَعْرِيف الْمسند إِلَيْهِ وَمن جِهَة تَعْرِيف الْمسند وَمن جِهَة ضمير الْفَصْل تَقْتَضِي أَن الدُّعَاء هُوَ أَعلَى أَنْوَاع الْعِبَادَة وأرفعها وَأَشْرَفهَا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّعَاء مخ الْعِبَادَة وَالْآيَة الْكَرِيمَة قد دلّت على أَن الدُّعَاء من الْعِبَادَة فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمر عباده أَن يَدعُوهُ ثمَّ قَالَ {إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي} فَأفَاد ذَلِك أَن الدُّعَاء عبَادَة وَأَن ترك دُعَاء الرب سُبْحَانَهُ استكبار وَلَا اقبح من هَذَا الاستكبار وَكَيف يستكبر العَبْد عَن دُعَاء من هُوَ خَالق لَهُ ورازقه وموجده من الْعَدَم وخالق الْعَالم كُله ورازقه ومحييه ومميتة ومثيبة ومعاقبة فَلَا شكّ أَن هَذَا الاستكبار طرف من الْجُنُون وَشعْبَة من كفران النعم //
(من فتح لَهُ بَاب فِي الدُّعَاء مِنْكُم فتحت لَهُ أَبْوَاب الْإِجَابَة) (مص) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب بعد أَن عزاهُ إِلَى التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم أَنه رَوَاهُ كِلَاهُمَا من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الْمليكِي وَهُوَ ذَاهِب الحَدِيث عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب وَلَفظ الحَدِيث عِنْد هَؤُلَاءِ من فتح لَهُ بَاب فِي الدُّعَاء مِنْكُم فتحت لَهُ أَبْوَاب الرَّحْمَة وَمَا يسْأَل الله شَيْئا أحب إِلَيْهِ من أَن يسْأَل الْعَافِيَة وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه بِلَفْظ فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة (قَوْله من فتح لَهُ بَاب فِي الدُّعَاء مِنْكُم) لَعَلَّ المُرَاد وَالله أعلم أَن من فتح الله لَهُ بالإقبال على الدُّعَاء بخشوع وخضوع وتضرع وتذلل كَانَ هَذَا الْفَتْح سَببا لإجابة