أربعمائة دينار وانصرفت، وقصصت قصتي على صديق لي، ورجيته الدنانير وكلفته أن يخبر غرمائي بأمري، ويتوسط ما بنيهم وبيني. ففعل، وبذلوا له تأخيري بما لهم ثلاث سنين، فقلت: لا بل يأخذون مني الثلث وينظروني بالباقي. ففرقت عليهم مائتي دينار وفتحت دكاني وأدرته بالمائتين الباقية معي، فما حال الحول إلا وقد بلغ مالي ألف دينار، فوفيت غرمائي ما بقي لهم، وما زالت حالي تنمو ومالي يزيد ولله الحمد.

وكان الحنابلة بنوا مسجداً، وجعلوه طريقاً إلى المشاغبة والفتنة، فتظلم إلى أبي الحسن علي بن عيسى من أمره، فوقع على ظهر القصة: أحق بناء بهدم، وتعفية رسم، بناء أُسس على غير تقوى من الله. فليلحق بقواعده إن شاء الله.

وكان أبو الحسن بن نيداد يتقلد كور الأهواز، فتربص بأُزر من ارتفاع الناحية، فوقعت فيه النار واحترق، فكتب إلى علي بن عيسى كتاباً أقام به عذره، وسجع في كتابة سجعاً زاد فيه، فوقع علي بن عيسى على ظهر الكتاب: أنت يا أبا الحسن تكتب فتجيد، والاسم الحميد خير من الكلام السديد، ضيعت علينا أرزاً حصلته، وعولت بنا على كلام ألفته، وخطاب سجعته، أوجب صرفك عما توليته، والسلام. فقال أبو الحسن بن نيداد: ما صرفني غير السجع. وكتب إليه. وصل كتاب سيدنا الوزير أطال الله بقاءه مشتملاً على وصف وصرف. فأما الوصف فهو منه أدام الله تأييده مع محله من الصناعة نهاية الفخر والسعادة. وأما الصرف عن الاعتذار، بما جرى به المقدار، فما جزاء من اعتذار من حال لأدرك عليه فيها أن يصرف عن ولاية لا جناية منه عليها، والاعتذار بلفظ الصواب، أولى من الاحتجاج بسوء الخطاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015