عطاراً مشهوراً بالستر والصيانة ركبه دين، فقام عن دكانه ولزم منزله، وأقبل على الصلاة والدعاء عدة ليال، فبينما هو قد صلى ذات ليلة ودعا، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يقول له: امض إلى علي بن عيسى الوزير، فقد أمرته بأن يدفع إليك أربعمائة دينار تصلح حالك بها. قال العطار: وكان علي ستمائة دينار ديناً، وأصبحت فقلت: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي فلم لا أمضي إلى الوزير وأعرف ما عنده؟ قال: فمضيت، فلما وقفت على بابه منعت الوصول وجلست إلى أن ضاق صدري، وهممت بالانصراف، فأنا على ذاك إذ خرج الشافعي صاحبه وكان يعرفني معرفةً قريبة فقمت إليه وعرفته خبري فقال: يا هذا إن الوزير يطلبك منذ السحر، وإلى الآن قد سأل عنك كل واحد، والرسل مبثوثة في التماسك، فكن بمكانك. قال: ودخل، فما كان بأسرع من أن دعي بي، فدخلت إلى الوزير أبي الحسن، فقال لي: ما اسمك؟ قلت: فلان بن فلان العطار. قال: من أهل الكرخ؟ قلت: نعم، قال: أحسن الله يا هذا جزاؤك في قصدك إياي، فوالله ما تهنأت عيشاً منذ البارحة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي في منامي: أعط فلان بن فلان العطار بالكرخ أربعمائة دينار يصلح بها شأنه. فكنت اليوم منذ الغداة وإلى هذه الغاية أسأل عنك، وما عرفنيك أحد. يا غلام هات ألف دينار. فجيء به عيناً، فقال: خذ منه أربعمائة دينار امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والستمائة الباقية هدية مني إليك. فقلت: أيها الوزير ما أحب أن أزداد شيئاً من عطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أرجو البركة فيه. فبكى وقال: ما أحسن هذا اليقين؛ خذ ما بدا لك. فأخذت