فأنفذ أبو علي علي بن مقلة طيوراً إلى الأنبار، وعول على قوم من أهلها في مكاتبته بأخبار القرمطي على الساعات. فكان يرد من ذاك ما ينفذه لوقته إلى نصر الحاجب، ويعرضه نصر على المقتدر بالله ويجعله طريقاً إلى تقريظه وإطرائه حتى قال له: إذا كانت هذه مراعاته لأمورك يا أمير المؤمنين ولا تعلق له بخدمتك فكيف يكون إذا اصطنعته واستكفيته؟ فلما كان وقت الظهر من يوم الثلاثاء ثالث عشر ربيع الأول من سنة ست عشرة وثلاثمائة أنفذ المقتدر بالله هارون بن غريب إلى علي بن عيسى للقبض عليه، فصار إلى داره، ومعه أبو جعفر بن شيرزاد وهو متعطل إذ ذاك، فلما قرب هارون منها قدم أبا جعفر أمامه إليه، وعرفه ما أُنفذ فيه حياءً من لقائه به، وعرفه أبو جعفر الحال، فقال: أنا جالس أتوقعه. ولبس عمامة وطيلساناً وخفاً، وأخذ في كمه مصحفاً ومقراضاً. ووافى هارون فدخل إليه، وسأله صيانة حرمه وولده، ففعل، ومنع من التعرض لشيء من الدار. ولم يجد في مجلسه ولا داره أحداً من كتابه وأسبابه، وبصر

بأبي علي عبد الرحمن في بيت من الدار مطلعاً في شباك، فهجم عليه وأخذه، وحملهما إلى دار السلطان، وسلم علي بن عيسى إلى زيدان القهرمانة، واعتقل عبد الرحمن عند نصر الحاجب، فكانت مدة وزارة علي بن عيسى هذه سنةً وأربعة أشهر ويومين. وادعى نصر الحاجب بسوء رأيه في أبي الحسن علي بن عيسى أنه وجد رجلاً يعرف بالجوهري وأقر بأنه رسول للقرمطي وسفير بينه وبين علي بن عيسى، وحكي عنه أن علي بن عيسى كان يكاتب القرمطي على يده، وجمع بينه وبين علي بن عيسى حتى واجهه بذلك. فقال علي بن عيسى: كذب علي وبهتني، وما خلق الله لما قاله أصلاً ولا فرعاً، وعاون أبو علي بن مقلة نصراً الحاجب إلى أن كاد المكروه يتم على علي بن عيسى، وهم المقتدر بالله بأن يضربه بالسوط على باب العامة بحضرة الفقهاء والقضاة وأصحاب الدواوين. فتوصلت السيدة إلى كشف ما ادعي عليه، حتى وقفت على بطلانه، وقررت ذاك في نفس المقتدر بالله، فزال ما كان اعتقده فيه. وتقلبت بعلي بن عيسى من بعد أمور قد ذكرناها فيما أوردناه من أخباره المنثورة وأخبار الوزراء. ورد إليه في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة في خلافة المتقي لله وإمارة بجكم، ونظر أبي عبد الله الكوفي النظر في المظالم، فجلس لذلك ونظر في خصومات بين عوام، ورد ما يتعلق بعامل وصاحب ديوان وجندي إلى أبي عبد الله الكوفي، وبالحكم إلى الحكام. فلما انهزم أبو عبد الله البريدي من كورتكين وتكينك، وخلت الوزارة من ناظر فيها ومرسم بها، استدعي المتقي لله أبا الحسن علي بن عيسى وأبا علي عبد الرحمن أخاه وأمرهما بالنظر، وكان أبو علي عبد الرحمن يدبر الأعمال وعلي بن عيسى يصل إلى حضرة المتقي لله، وجرى الأمر على ذلك تسعة أيام ثم تقلد أبو إسحاق القراريطي الوزارة، ولازما منزلهما. وتوفي أبو الحسن علي بن عيسى في يوم الجمعة لليلة خلت من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة عن تسع وثمانين وستة أشهر، لأن مولده كان في جمادي الآخرة سنة خمس وأربعين ومائتين. علي عبد الرحمن في بيت من الدار مطلعاً في شباك، فهجم عليه وأخذه، وحملهما إلى دار السلطان، وسلم علي بن عيسى إلى زيدان القهرمانة، واعتقل عبد الرحمن عند نصر الحاجب، فكانت مدة وزارة علي بن عيسى هذه سنةً وأربعة أشهر ويومين. وادعى نصر الحاجب بسوء رأيه في أبي الحسن علي بن عيسى أنه وجد رجلاً يعرف بالجوهري وأقر بأنه رسول للقرمطي وسفير بينه وبين علي بن عيسى، وحكي عنه أن علي بن عيسى كان يكاتب القرمطي على يده، وجمع بينه وبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015