قامت بأمره مع المقتدر بالله، لأنه بذل لها مائة ألف دينار. وبلغ أبا الحسن ابن الفرات ما هو ساع فيه فهم أن يقبض عليه، فاستتر وجد ابن الفرات في طلبه، فنبه على أمره، وظن أن نفوره منه أفضل فيه عنده، وأشير عليه بأن يؤمنه ويوليه بعض الدواوين ليزول الخوض في بابه ويختلط بكتابه، فلم يفعل. فكان أبو علي ينمس على الخدم بالصلاة وإظهار التسنن، فإذا وافاه خادم برقعة أو رسالة تركه زمناً طويلاً إلى أن تتم صلاته، وكان يطيلها ثم يتبعها بالتسبيح، فيصفونه بالديانة، ويميلون إليه بهذه الوسيلة.
حدث أبو الحسن علي بن هشام قال: حدثني أبو عبد الله الحسن بن علي الباقطاني، وأبو الفضل بنان بن بنان وعلي بن عيسى الزنداني النصرانيان قالوا: حدثنا أبو علي محمد بن عبيد الله الخاقاني قال: لما تمادت الأيام بما وعدنيه المقتدر بالله من القبض علي أبي الحسن بن الفرات وتقليدي الوزارة استعظم الحال في نكبته وأشفق من حادث يحدث بذاك في دولته، وعلمت أنه لا ينفع في ذاك ألا إعمال الحيلة. وكنت أتتبع الأخبار في استتاري فجاءتني في بعض الأيام امرأة من عجائزنا وقالت: رأيت الساعة عماريةً على بغال، وجنداً وغلماناً يمضون إلى باب الكناس يريدون الكوفة، وربما كان ذاك لخارجي خرج وفتق حدث. فكتبت إلى أبي عيسى يحيى ابن إبراهيم المالكي أسأله عن هذا الأمر، وكان ظاهراً متبصرفاً، فأجابني بأن ملاحاة جرت بين هشام بن عبد الله وعبد الله بن جبير