يطالعها، وربما وردت رسائل بحمول، وكتب فيها سفاتج بمال فتبقى أياماً لا تفض، وإذا قلد عامل اتبع بمن يعزله قبل وصوله إلى عمله وأُتبع الصارف بمن يصرفه. فقيل إنه اجتمع في خان بحلوان سبعة انفس، وقد قلد كل واحد منهم ماء الكوفة في عشرين يوماً. وبالموصل خمسة قد قلدوا قردي وبزبدي، وأنهم اجتمعوا وتشاركوا ما دفعوا إليه، وخرج عن أيديهم من نفقاتهم وما بذلوه عن تقليدهم على أن ينالوا من مال العمل ما قدموه وأنفقوه، واستظهروا لنفوسهم به وخلوا العمل على آخر من ورد الناحية. وكان إذا سئل حاجة دق صدره بيده وقال: نعم وكرامة، حتى لقب دق صدره بذلك، وبسط يده وأيدي أولاده وكتابه بالتوقيعات بالصلات والإطلاقات، والإقطاعات والتسويغات وتخفيف الطسوق والمعاملات، وأخذ المرافق على إضاعة الحقوق وإسقاط الرسوم، فسخفت الوزارة وأخلقت الهيبة وزادت الحال، في إخلال الأعمال، ووقوف الأموال، وقصور المواد، وتضاعف الاستحقاقات، واشتداد المطالبات، وشغب الجند شغباً بعد شغب وتسحبوا على السلطان تسحباً بعد تسحب، وأخرج إليهم من بيت مال الخاصة الشيء بعد الشيء الذي بلغ تلك الجمله

المذكورة. حتى إذا انحل النظام وبان الانتشار وتصور المقتدر بالله الصورة فيما تطرق من الوهن على المملكة، شاور مؤنساً الخادم فيمن يقلده الوزارة. وجاراه ذكر ابن الفرات، ورده فقال: لم يطل يا أمير المؤمنين العهد بعزله، وربما ظن الناس وأصحاب الأطراف أن عزله كان طمعاً في ماله. وأصحاب الدواوين الذين دبروا الأمور والأعمال منذ أيام المعتضد بالله هم إبنا الفرات ومحمد بن داود بن الجراح ومحمد بن عبدون وعلي بن عيسى بن داود بن الجراح، فأما إبنا الفرات فقد توفي منهما أبو العباس وتقلد الآخر الوزارة وجرب نظره وأثره. وأما محمد بن عبدون ومحمد بن داود فقد مضيا عقب فتنة ابن المعتز، ولم يبق من الجماعة من هو أسد تصرفاً، وأشد تعففاً وأظهر كفايةً، وأكثر أمانة، من علي بن عيسى. فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر باستقدامه واستخدامه، لم يعدم إحماد الرأي في بابه. فأمره بإنفاذ يلبق لإحضاره، ووقف الخاقاني على أمره ورسم له. استدعاؤه واستخلافه على الدواوين. فكتب إلى عج بن عاج بإنفاذه، ووجه مؤنس يلبق حاجبه ليلقاه، وتدافع الأمر إلى أن وصل يلبق إلى مكة، وشهد الموسم مع أبي الحسن علي بن عيسى، وقضيا حجهما وأقبلا. وعند أبي علي أنه يقدم على القاعدة التي تقررت معه في استخلافه على الدواوين، ولم يكن ذلك كذلك، وإنما أريد ليقام مقامه، حتى إذا انكشف له باطن السر في بابه، توصل إلى إصلاح خواص المقتدر بالله وبطانته، ونقض ما دبر في أمر علي بن عيسى وتسليمه إليه، ورتب على ما ظن أنه أخذ بالوثيقة فيه. وورد أبو الحسن علي بن عيسى ابن داود في سحرة اليوم العاشر من المحرم سنة إحدى وثلاثمائة، ووصل إلى حضرة المقتدر بالله وقت صلاة الصبح. وبكر أبو علي الخاقاني ومعه إبناه إلى الدار على رسمه، وهو واثق بأن أبا الحسن علي بن عيسى يسلم إليه، وجلس في المجلس الذي جرت عادته بالجلوس فيه إلى أن يؤذن له في الوصول. وقلد أبو الحسن الوزارة وانصرف إلى داره، ووكل بأبي علي وابنتيه وابن سعد حاجبه وأبي الهيثم بن ثوابة وجماعةً من كتابه، فكانت مدة نظره سنة واحدة وشهراً وخمسة أيام. ة. حتى إذا انحل النظام وبان الانتشار وتصور المقتدر بالله الصورة فيما تطرق من الوهن على المملكة، شاور مؤنساً الخادم فيمن يقلده الوزارة. وجاراه ذكر ابن الفرات، ورده فقال: لم يطل يا أمير المؤمنين العهد بعزله، وربما ظن الناس وأصحاب الأطراف أن عزله كان طمعاً في ماله. وأصحاب الدواوين الذين دبروا الأمور والأعمال منذ أيام المعتضد بالله هم إبنا الفرات ومحمد بن داود بن الجراح ومحمد بن عبدون وعلي بن عيسى بن داود بن الجراح، فأما إبنا الفرات فقد توفي منهما أبو العباس وتقلد الآخر الوزارة وجرب نظره وأثره. وأما محمد بن عبدون ومحمد بن داود فقد مضيا عقب فتنة ابن المعتز، ولم يبق من الجماعة من هو أسد تصرفاً، وأشد تعففاً وأظهر كفايةً، وأكثر أمانة، من علي بن عيسى. فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر باستقدامه واستخدامه، لم يعدم إحماد الرأي في بابه. فأمره بإنفاذ يلبق لإحضاره، ووقف الخاقاني على أمره ورسم له. استدعاؤه واستخلافه على الدواوين. فكتب إلى عج بن عاج بإنفاذه، ووجه مؤنس يلبق حاجبه ليلقاه، وتدافع الأمر إلى أن وصل يلبق إلى مكة، وشهد الموسم مع أبي الحسن علي بن عيسى، وقضيا حجهما وأقبلا. وعند أبي علي أنه يقدم على القاعدة التي تقررت معه في استخلافه على الدواوين، ولم يكن ذلك كذلك، وإنما أريد ليقام مقامه، حتى إذا انكشف له باطن السر في بابه، توصل إلى إصلاح خواص المقتدر بالله وبطانته، ونقض ما دبر في أمر علي بن عيسى وتسليمه إليه، ورتب على ما ظن أنه أخذ بالوثيقة فيه. وورد أبو الحسن علي بن عيسى ابن داود في سحرة اليوم العاشر من المحرم سنة إحدى وثلاثمائة، ووصل إلى حضرة المقتدر بالله وقت صلاة الصبح. وبكر أبو علي الخاقاني ومعه إبناه إلى الدار على رسمه، وهو واثق بأن أبا الحسن علي بن عيسى يسلم إليه، وجلس في المجلس الذي جرت عادته بالجلوس فيه إلى أن يؤذن له في الوصول. وقلد أبو الحسن الوزارة وانصرف إلى داره، ووكل بأبي علي وابنتيه وابن سعد حاجبه وأبي الهيثم بن ثوابة وجماعةً من كتابه، فكانت مدة نظره سنة واحدة وشهراً وخمسة أيام.

وحكي أن السبب في تقليد الخاقاني الوزارة أن دستنبوية أم ولد المعتضد بالله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015