فأنفذ الكتاب الخرج بذلك إلى حضرته. فوقع بخطه: النحو: من واحد إلى تسعة، فإذا تجاوز للعشرة لم يجز أن يقال فيه: نحو. فلما وقفوا على ذلك وضعوا عنه عشرة أكرار، وألزموه ثلاثين كراً حنطة وشعيراً.

وكان أبو أحمد الحسن بن محمد الكرخي يتقلد المسرقان من أعمال الأهواز في وزارة أبي أحمد العباس بن الحسن، فعملت له مؤامرة عرضت على أبي الحسن ابن الفرات، فلم يكن فيها على ما ذكر باب واحد يظهر وجوبه، وأخرج في باب المرافق ما جرت العادة بالتأول فيه. فقال أبو الحسن: هذا لا يخرج مثله كتاب الحضرة إذ كان رجماً لا يقوم على مثله بينة. وحضره المظفر بن المبارك القمي بعد مديدة قريبة، وقد كانت له ضيعة بالأهواز قد باعها على أبي الحسن ابن الفرات، فاستدعى منه حساب وكيله فيها ليستدل منه على رسومها ومعاملاتها، وجاءه به في بعض العشايا، فقرأه. ووجده للسنة التي كان الحسن بن محمد الكرخي مقلداً فيها. وقد احتسب الوكيل فيه نحو خمسمائة دينار، ونسبها إلى الحسن بن محمد وعماله وخلفائه على سبيل المرفق: فأنفذ في الوقت من أحضر الحسن بن محمد الكرخي وأحمد بن محمد بن سهل والصقر بن محمد وعبيد الله بن محمد الكلوذاني، فحضروا، ووجدوه يتميز غيظاً، ودعا بالمؤامرة التي كانت عملت للكرخي فاطرحها، وأقل المبالاة بها، وأخذ في مناظرته على ما أخرج من المرافق، فاحتج بما يحتج به مثله في ذلك، وعرض عليه الكتاب حساب ابن المبارك القمي وقال له: يا عدو الله يا خائن، يا لص، تأخذ من ضيعة واحدة ورجل واحد خمسمائة دينار مرفقاً وتقديرها نصف ارتفاعه! فكم أخذت من أهل الكورة؟ وما أحتاج أن أنظر في غير هذا. فبهت الحسن وورد عليه ما لم يكن في حسابه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015