بالله منه، وأعلمه أنه على الوثوب به، وأنه كان على تقديم عزمه منه إلى أن سأله أنوش بن الحرهان كاتب سوسن أن يؤخر ذلك في هذا اليوم لعيد له، ووقع الاتفاق بيهم على الإيقاع بك وبي وبجماعة معنا في يوم الثلاثاء المقبل بعد يوم الموكب، وقرر ذلك في نفسه وحققه عنده، فلما كان يوم الاثنين لثمان بقين من رجب ركب المقتدر بالله إلى الميدان، ومعه تكين الخاصة ونازوك وغريب الجيلي ورائق وياقوت، وقد ضمن ابن الفرات لتكين أن يقلده مصر إن ساعده على أمر سوسن. وأحس سوسن بما يدبر عليه ويراد به، فتحرز في أمره ودخل الميدان ولم ينزل عن فرسه، ولعب مع الخليفة ساعة بالصولجان، ثم مضى إلى صافي الحرمي يعوده من شيء وجده، وتبعه مؤنس الخازن والغلمان، فلما نزل إلى صافي وكان في آخر الميدان قبض عليه تكين الخاصة.
قال عبد الرحمن: حدثني تكين الخاصة عند اجتماعنا بمصر، وقد جرى ذكر سوسن وتجبره وعتوه قال: فلما مضى إلى صافي بادرت كأني معه، ونزل فمددت يدي إلى منطقته كأنني أتوكأ عليها، فجذبتها، وأخرجت سكيناً معي فقطعتها، وحصلت مع السيف في يدي، وسلبه الغلمان ما كان عليه، ودفعناه حتى أدخلناه باب الميدان، فعند ذلك بكى، وحمل الخدم السلاح، ووكل بداره، واجتمع من كان خلفه وصار في حيزه من الغمان، فخرج إليهم خادم وقال: مولانا يقول لكم: أنتم غلماني وخاصتي، وهذا عبدي ومملوكي، وقد بلغني عنه ما أريد موافقته عليه، وأنا لكم بحيث تحبون. فدعوا وقالوا: الأمر لمولانا. وتفرقوا ولم يعد منهم قول بعد ذلك. وقرر ابن الفرات في نفس المقتدر بالله دخول محمد بن عبدون وعلي بن عيسى