وحدث أبو علي عبد الرحمن قال: كان سبب العداوة بين أبي الحسن بن الفرات ومحمد بن عبدون أنه غلب علي العباس بن الحسن واختص به فسعى في صرف أبي الحسن بن الفرات ونكبته لقبيح قديم كان بينه وبينه، واستمال محمد بن عبدون أبا عبد الله محمد بن داود بن الجراح عمي فمال معه، وساماً أبا الحسن علي بن عيسى أخي الدخول معهما فامتنع، وجرت في ذلك خطوب طويلة باطنة وظاهرة. وتجرد محمد بن عبدون بفضل شر وحسد كانا فيه في مكروه ابن الفرات وطالب العباس بإطلاع المكتفي بالله على خياناته واقتطاعاته وما تأثل من حاله بذاك وعظم من نعمته، وساعده محمد بن داود على أمره. قال عبد الرحمن: فأذكر، وقد صار أبو الحسن بن الفرات في بعض الأيام إلى أخي أبي الحسن علي بن عيسى في داره، فقام إليه وأكرمه، وجعل ابن الفرات يشكو إليه ما يلاقيه من محمد بن عبدون، ويعرض بمحمد بن داود عمي، وأخي يسترجع ويقول له: يكفيك الله ثم قال له أخي: أما أنا فقد عرفت إخلاصي لك، وما يراني الله تعالى مساعداً فيما يسوءك، وأما عمي فالأمر معه قريب، وسأرده وأكفيك ما تخافه منه، ومع هذا فدبر أمرك تدبيراً يصلحه مع صاحبنا وصاحبك. فقال له: أشر علي يا سيدي. فقال: استعطف الوزير. قال: قد فعلت. قال: زد، وليس بكثير أن تغرم في هذه القصة خمسين ألف دينار، وإن احتجت إلى مالي في ذلك فهو بين يديك. فتكره وقال: أريد التوثقة منك. فقال له أخي: ما تجد عندي خلافاً عليك إلا أن اليمين غير مباركة وما بنا إليها حاجة، وفي الأقوال الصادقة والآراء الصافية غنىً وكفاية. وقام فانصرف.
قال عبد الرحمن: ووافي ابن عبدون في بعض الأيام إلى أبي الحسن أخي، فلما