فمن ذلك قوله تعالى في أوّل " فاتحة الكتاب ": (الْحَمْدُ لِلَّهِ)
قرئ برفع الدال ونصبها وجرها.
فأما قراءة الرفع فقرأ بها السبعة، ووجهها أن (الحمد) مبتدأ، و (لله)
في موضع الخبر، واللام بمعنى الاستحقاق، وهي متعتقة بمحذوف هو
الخبر في الحقيقة، أي: الحمد ثابت لله.
وأما قراءة النصب فقرأ بها هارون العَتكيّ، ورُؤبة، وسفيان بن عُيينة.
ووجهُها أنه منصوب على المصدر على طريقة المصدر المنصوب
بفعل لا يظهر، أي: أحمَدُ اللهَ الحمدَ.
وقيل: إنّه منصوب بفعل من غير لفظ الحمد، أي: اقرأ الحمد لله، فلا يكون هذا مصدراً، والأوّل أصحّ.
فمن جعل (الحمد) منصوباًب: اقرأ، فاللام من (لله) يتعلّق به، ومن
جعله منصوباً على المصدر فاللام خرجت مخرج البيان، أي: أعني لله.
فإن قيل: لأيّ شيء لا تكون اللام متعلّقة بالمصدر؟
فالجواب: أنهم قالوا: سَقْياً لزيد، ولم يقولوا سَقياً زيداً، فدلّ هذا