فمن ذلك قوله تعالى في سورة " الفاتحة ": (رَبِّ الْعَالَمِينَ)
قُرِىء بخَفض الباء ونصبها ورفعها:
فأمّا قراءة الخَفض فقرأ بها السبعة، ووجهها ظاهر: وهو إما يكون نعتاً
للجلالة أو بدلاً.
وأمّا قراءة النصب فقرأ بها زيدُ بن على وطائفة، وفي توجيه هذه
القراءة تفصيل: وهو أن يقال: لا يخلو الذي قرأ بنصب (رَبِّ) أن
ينصب (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وقد قُرىء بذلك، أو يجرّهما.
فإن كان قرأ بنصبهما فلا إشكال؛ لأنه نصبَ الجميعَ على القطع، أي: أعني ربَّ العالمين الرحمنَ الرحيمَ.
وإن كان قرأ بجرّهما ففيه إشكالٌ من جهة أنّهم قالوا: لا يجوزُ في الصفات الإتباعُ بعد القطع؛ لأنه يلزمُ منه الرجوعُ بعد الانصراف.
وقد قال الشاعر:
إذا انصرفَتْ نفسي عن الشيء لم تَكَدْ. . . إليه بوجهٍ آخرَ الدهرِ تَرْجِعُ