وروى الدارمي أيضا عن أيوب عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف وقال: (إنها لا تصطاد صيدا ولا تنكي عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين) فرفع رجل بينه وبين سعيد قرابة شيئا من الأرض فقال: هذه وما تكون هذه فقال سعيد: ألا أراني أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تهاون به لا أكلمك أبدا.
وروى الدارمي أيضا عن قتادة قال: حدث ابن سيرين رجلا بحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل: قال فلان كذا وكذا، فقال ابن سيرين أحدثك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقول قال فلان وفلان كذا وكذا، لا أكلمك أبدا.
قال النووي في الكلام عن حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه: فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم وأنه يجوز هجرانه دائما، وأن النهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائما وهذا الحديث مما يؤيده مع نظائر له كحديث كعب بن مالك وغيره اهـ. وقال الحافظ ابن حجر: في الحديث جواز هجران من خالف السنة وترك كلامه ولا يدخل ذلك في النهي عن الهجر فوق ثلاث فإنه يتعلق بمن هجر لحظ نفسه اهـ.
وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: الهجر الشرعي نوعان:
أحدهما: بمعنى الترك للمنكرات.