بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْن الْحِسَابِ وَالْقِصَاصِ
[2415] قَوْلُهُ (مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ) مِنْ مَزِيدَةٌ لِاسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ وَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ (إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ) أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ (وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ (تَرْجُمَانُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَكَزَعْفُرَانٍ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ أَيْ مُفَسِّرٌ لِلْكَلَامِ بِلُغَةٍ عَنْ لُغَةٍ يُقَالُ تَرْجَمْتُ عَنْهُ وَالْفِعْلُ يَدُلُّ عَلَى أَصَالَةِ التَّاءِ
وَفِي التَّهْذِيبِ التَّاءُ أَصْلِيَّةٌ وَلَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ وَالْكَلِمَةُ رَبَاعِيَةٌ (ثُمَّ يَنْظُرُ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ أَيْمَنَ مِنْهُ أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ وَقِيلَ ضَمِيرُ مِنْهُ رَاجِعٌ إِلَى الْعَبْدِ وَالْمَآلِ وَاحِدٌ وَالْمَعْنَى يَنْظُرُ فِي الْجَانِبِ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ (فَلَا يَرَى شَيْئًا إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ) أَيْ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِحِ
وَفِي الْمِشْكَاةِ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ (ثُمَّ يَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ) أَيْ فِي الْجَانِبِ الَّذِي فِي شِمَالِهِ (فَلَا يَرَى شَيْئًا إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ) أَيْ مِنْ عمله السيء وَإِنَّ النَّصْبَ فِي أَيْمَنَ وَأَشْأَمَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْيَمِينُ وَالشِّمَالُ
فَقِيلَ نَظَرُ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ هُنَا كَالْمِثْلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ شَأْنِهِ إِذَا دَهَمَهُ أَمْرٌ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَشِمَالًا يَطْلُبُ الْغَوْثَ
قَالَ الْحَافِظُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الِالْتِفَاتِ أَنَّهُ يَتَرَجَّى أَنْ يَجِدَ طَرِيقَةً يَذْهَبُ فِيهَا لِيَحْصُلَ لَهُ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا يُفْضِي بِهِ إِلَى النَّارِ (ثُمَّ يَنْظُرُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ) قال بن هبيرة