وَقَالَ عمر بن أبي ربيعَة: إِنِّي لأبغض كل مصطبر ... عَن ألفة فِي السِّرّ والجهر الصَّبْر يحسن فِي مواطنه ... مَا للفتى المشغوف وَالصَّبْر
كَانَ يُقَال: من عرف بالحلم كثرت الجرأة عَلَيْهِ، وَقلت الهيبة لَهُ. وَقَالَ بعض السّلف: الْحلم ذل كُله. وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس السفاح يَقُول: إِذا كَانَ الْعَفو مفْسدَة، كَانَ الْحلم معْجزَة. وَلما أنْشد النَّابِغَة الْجَعْدِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا: أتيت رَسُول الله إِذْ جَاءَ بِالْهدى ... وَيَتْلُو كتابا بالمجرة نيّرا وَلَا خير فِي حلم إِذا لم يكن لَهُ ... بَوَادِر تَحْمِي صَفوه إِن تكدرا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَحْسَنت لَا فض الله فَاك. فعمر أَكثر من ثَمَانِينَ سنة، وَلم ينقص لَهُ سنّ.
تقبيح الشجَاعَة
قَالَ بَعضهم: الشجَاعَة تغرير بِالنَّفسِ. والتغرير مِفْتَاح الهلكة. وَكَانَ بَعضهم يَقُول: الْفِرَار فِي وقته ظفر. وَقَالَ مُحَمَّد بن أبي حَمْزَة الْعقيلِيّ مولى الْأَنْصَار: قَامَت تشجّعني هِنْد، وَقد علمت ... أَن الشجَاعَة مقرون بهَا العطب يَا هِنْد لَا وَالَّذِي حج الحجيج لَهُ ... مَا يَشْتَهِي الْمَوْت عِنْدِي من لَهُ أدب
كَانَ يُقَال: الْحيَاء يمْنَع الرزق، وَقد قرنت الهيبة بالخيبة، وَالْحيَاء بالحرمان. وَقَالَ بعض الْمُحدثين: اسْتَعِينُوا على قَضَاء حَوَائِجكُمْ بِالْكِتْمَانِ، وأموركم بالوقاحة والإبرام، ودعوا الْحيَاء لربات الحجال. وَقَالَ آخر: هَذَا زمَان يزمن ذَوي الْحيَاء، والوقاحة رأسمال وافية.