كَانَ يُقَال: الْعقل والهم لَا يفترقان. وَقَالَ ابْن المعتز: وحلاوة الدُّنْيَا لجاهلها ... ومرارة الدُّنْيَا لمن عقلا وَمن فصوله الْقصار: من كَانَ عَاقِلا لم يسم إِلَّا غافلاً. وَمِنْهَا فصل فِي نِهَايَة الْحسن وجودة التَّمْثِيل، وَهُوَ قَوْله: الْعقل كالمرآة المجلوّة، يرى صَاحبهَا مساوئ الدُّنْيَا، فَلَا يزَال فِي صحوه مهموماً مُتَعَذر السرُور، حَتَّى يشرب النَّبِيذ، فَإِذا ابْتَدَأَ بشربه صدئ عقله بِمِقْدَار مَا يشرب. وَإِن أَكثر مِنْهُ غشيه الصدأ كُله، حَتَّى لَا تظهر لَهُ صور تِلْكَ المساوئ، فيفرح ويمرح. وَالْجهل كالمرآة الصدئة (فَلَا يرى صَاحبهَا إِلَّا مَسْرُورا) قبل الشّرْب وَبعده. وَمن قلائد أبي الطّيب المتنبي قَوْله: ذُو الْعقل يشقى فِي النَّعيم بعقله ... وأخو الْجَهَالَة فِي الشقاوة ينعم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح ابْن جني: هَذَا مثل قَوْلهم: مَا سر عَاقل قطّ. وَقَالَ آخر: ثَمَرَة الدُّنْيَا السرُور، وَلَا سرُور للعقلاء.
من أَمْثَال أهل بَغْدَاد: " جهل يعولني خير من علم أعوله ". وَفِي ذَلِك يَقُول بَعضهم: وَمَا أصنع بِالْعلمِ ... إِذا أَعْطَيْت بِالْجَهْلِ