هشاما بين البخاري وصدقة كما سيرى القراء ذلك جليا في سنده الآتي ص 39.
رابعا: ومن باب أولى أن لا يتنبه لغلو ابن حزم وشدته في رد ما لا يعلم من حديث نبيه صلى الله عليه وسلم ولا غرابة في ذلك فإن الطيور على أشكالها تقع فله النصيب الأوفى مما قيل فيه: لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقان أعني ما قاله ابن حزم في الحديث الثامن الذي نقله الغزالي عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوتين ملعونين: صوت نائحة وصوت مغنية. فقال فيه ابن حزم: "لا ندري له طريقا وهذا لا شيء".
وفي نقل الغزالي عنه ص 69: وسنده لا شيء.
فقول ابن حزم: وهذا لا شيء من تشدده وتنطعه فإن العلماء يقولون فيما لم يجدوا له طريقا أو إسنادا: لا نعلم له أصلا أو مع المبالغة: ليس له أصل كما يقول بعض الحفاظ المتقدمين كالعقيلي والأول هو الصواب وبخاصة لمن لم يكن من حفاظ الحديث والمتخصصين فيه كابن حزم ذلك هو الواجب في أمثاله ومقلديه كالغزالي خشية أن يقعوا في تكذيب حديث قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقل إثما عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى في المشركين: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} فإن الحديث المذكور له إسنادان من حديث عبد الرحمن ابن عوف وأنس بن مالك أخرجهما جمع من الحفاظ المشهورين كما يأتي في محله من الرسالة منهم الطيالسي والبزار وهما من الحفاظ المعروفين عند ابن حزم وممن أشاد هو بمسنديهما كما نقله