الخدري وعائشة، وجابر بن عبد الله، وأهل مكة أعلم بالسنن التي نقلها عبد الله بن عباس، وأهل الكوفة بالسنن التي نقلها علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وأهل البصرة بالسنن التي نقلها أنس بن مالك، وأهل الشام بالسنن التي نقلها معاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري، ومعاوية بن أبي سفيان، وأهل مصر بالسنن التي نقلها عبد الله بن عمر بن العاص، وأهل مرو بالسنن التي نقلها بريدة الأسلمي، وهكذا.
فإذا روى المدني سنة عن ابن مسعود ليست عند أهل الكوفة، أو الكوفي سنة عن ابن عمر ليست عند أهل المدينة، كان ذلك عند الناقد شبهة وعلامة على العلة.
ولا طريق إلى معرفة هذا دون تمييز هذه المقدمة.
وقد بينت أهمية هذا النوع من العلم للكشف عن حقيقة الراوي، إذ الاشتباه قد يصير الحديث الواهي صحيحاً، كأن يجد الطالب حديثاً يأتي في إسناده (عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير) فيفسره على أنه (عبد الكريم بن مالك الجزري) وهو ثقة، فيقضي بصحة الإسناد، وحقيقته (عبد الكريم بن أبي المخارق) وهو واه متروك.
وتأمل أثر ذلك في المثال التالي: ......
روى الفضل بن موسى السيناني، عن حسين بن واقد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وددت أن عندي خبزة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن "، فقام رجل من القوم فاتخذه، فجاء به، فقال: " في أي شيء كان هذا؟ "، قال: في عكة ضب، قال: " ارفعه " (?).