ويراد بها أيضاً أنه لم يتهيأ له السماع منه، فلذلك لم يكتب عنه شيئاً، وليست جرحاً أصلاً.
مثاله: قال أبو الحسن الميموني لأحمد بن حنبل وقد ذكر له دخوله الرقة وسماعه من بعض أهلها: فكيف لم تكتب عن عبد الله بن جعفر (يعني الرقي)؟ فقال: " ما كان عبد الله بن جعفر تلك الأيام يذكر "، قلت: فقد أتيتها بعد ذاك، فكيف لم تكتب عنه؟ قال: " لم أكتب عنه "، قلت: تركته من علة؟ قال: " لا، ولكن لم أكتب عنه شيئاً " (?).
كذلك كقول أبي حاتم الرازي في (عبيد بن جناد الحلبي): " صدوق، لم أكتب عنه " (?).
وقول أبي زرعة الرازي في (عبد الله بن الجهم الرازي): " كان صدوقاً، رأيته ولم أكتب عنه " (?).
41 _ قولهم: (سكتوا عنه).
هي عبارة محالة، خبر من قائلها عن غيره، لا ينشئ بها شيئاً من جهته.
فهي بمنزلة قول الناقد وقد اطلع على كلام غيره من أهل الحديث: (تكلموا فيه)، أو (طعنوا عليه)، ودلَّ الاستقراء لحال من قيلت فيه أنها مساوية لإخبار الناقد عن غيره بقوله: (تركوه).
لذا فهي من عبارات الجرح المجملة، ولولا دلالة الاستقراء لكانت في جملة ما لا يصح الاعتماد عليه في جرح الرواة حتى يوقف على تفسيره.
وقد عرف استعمالها عن البخاري، وندرت جداً عن غيره، كأبي حاتم الرازي وأبي زرعة ومسلم بن الحجاج.