فقوله - عليه السلام -: «أستحل لك بها الشفاعة» , إن صح ذلك عنه يدل على أنه - عليه السلام - علم حينئذ أن التوحيد هو السبب في نيل الشفاعة وأن المشرك بمعزل عنها, وذلك موافق لما قاله بعد إذ ذكر الدعوة التي اختبأها شفاعة لأمته ثم قال: «فهي نائلة إن شاء الله من أمتي من مات لا يشرك بالله شيئا» (?).
وإنما لم تكن الشفاعة في الآخرة لمن هو مشرك لأجل أن المغفرة لا تتناوله, وإنما تكون الشفاعة في المحل الذي تتأتى (?) له المغفرة, قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا (?) دخل النار» (?).
فلم يجعل - عليه السلام - للمشرك منزلا إلا النار، وقد أخبر الله بعدم المغفرة له فقال: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] (كما تقدم ذكره) (?) , ولو تصور أن يغفر لمشرك لكان ذلك لأبي طالب لمكانه من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (?).