ألا لا يجلهن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين
أقول على الرغم من ذلك: فإنني لأرى أن طبع الرسالة من جديد على وضعها السابق ليس من ورائه فائدة تذكر لذلك كان لابد من حذف بعض التعليقات وتعديل قليل من العبارات مما يهذب من أسلوبها ويتناسب مع طبعتها الجديدة ولا ينقص من قيمتها العلمية وبحوثها المهمة
وقد كنت ذكرت في مقدمة الطبعة الأولى أن موضوع الرسالة ينحصر في أمرين هامين جدا:
الأول: حكم بناء المساجد على القبور
الثاني: حكم الصلاة في هذه المساجد
وإني آثرت البحث فيهما لأن بعض الناس خاضوا فيهما بغيرعلم وقالوا ما لم يقله قبلهم عالم لا سيما وأكثر الناس لا معرفة عندهم فيه مطلقا فهم في غفلة عنه ساهون وللحق جاهلون ويدعمهم في ذلك سكوت العلماء عنهم إلا من شاء الله وقليل ما هم خوفا من العامة أو مداهنة لهم في سبيل الحفاظ على منزلتهم في صدورهم متناسين قول الله تبارك وتعالى {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أؤلئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} (?) وقوله صلى الله عليه وسلم: " من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ". (?)
وكان من نتيجة هذا السكوت وذلك الجهل أن آل الأمر إلى ارتكاب كثير من الناس ما حرم الله تعالى ولعن فاعله كما سيأتي بيانه وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل صار بعضهم يتقرب إلى الله تبارك وتعالى بذلك فترى كثيرا من محبي الخير وعمارة منهم ينفق أموالآ طائلة ليقيم لله مسجدا لكنه يعد فيه قبرا يوصي أن يدفن فيه بعد موته وآخر مثال أعرفه على ذلك وعسى أن يكون الأخير إن شاء الله هذا المسجد الذي هو في رأس شارع بغداد من الجهة الغربية بدمشق وهو المعروف ب " مسجد بعيرا " وفيه قبره وقد بلغنا أن الأوقاف مانعت في دفنه أول الأمر ثم لا ندري الأسباب الحقيقية التي حالت بينها وبين ما أرادت ودفن " بعيرا " في مسجده بل في قبلته وإنا لله وإنا إليه راجعون وهو المستعان على الخلاص من هذه المنكرات وأمثالها