أما بعد فقد كنت طبعت آخر سنة (1377) هجرية رسالة بعنوان " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " وكانت نسختي الخاصة من هذه الطبعة طيلة هذه المدة في متناول يدي كلما عثرت على فائدة زائدة تناسب موضوعها علقتها عليها رجاء ضمها إليها عند إعادة طبعها مزيدة ومنقحة وبذلك توفر عندي زيادات كثيرة هامة ولما طلب مني الأستاذ الافضل زهير الشاويش صاحب المكتب الاسلامي أن أقدمها إليه ليجدد طبعها افتقدتها فلم أجدها ولما يئست منها أرسلت إليه نسخة أخرى استعرتها من بعض أصحابي لتطبع كما هي على قاعدة: " ما لا يدرك كله لا يترك جله " وبينما كان أخي الاستاذ زهير الشاويش يعد العدة لطبعها إذ عثرت عليها بفضل الله تعالى وكرمه فبادرت بإرسالها إليه بعد تهذيبها وتهيئتها للطبعة الثانية

ولما كان لتأليف الرسالة المذكورة يؤمئذ ظروف خاصة وملابسات معينة اقتضت الحكمة أن يكون أسلوبها على خلاف البحث الهادئ والاستدلال الرصين ذلك أنها كانت ردا على أناس لم تعجبهم دعوتنا إلى الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح وخطة الأئمة الأربعة وغيرهم ممن اتبعوهم باحسان فبادؤونا بالتأليف والرد وليته كان ردا علميا هادئا إذن لقابلتهم بأحسن منه ولكنه لم يكن كذلك مع الأسف بل كان مجردا عن أي بحث علمي مملئا بالسباب والشتائم وابتكار التهم التي لم تسمع من قبل لذلك لم نر يؤمئذ أن من الحكمة السكوت عنهم وتركهم ينشرون رسائلهم بين الناس دون أن يكون لدى هؤلاء مؤلف يكشف القناع عما فيها من الجهل والتهم {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} (?) لذلك كان لا بد من الرد عليهم بأسمائهم

وعلى الرغم من أنني لم أقابل اعتداءهم وافتراءهم بالمثل فقد كانت الرسالة على طابعها العلمي ردا مباشر عليهم وقد يكون فيها شئ من القسوة أو الشدة في الأسلوب في رأي بعض الناس الذين يتظاهرون بامتعاظهم من الرد على المخالفين المفترين ويودون لو أنهم تركوا دون أن يحاسبوا على جهلهم وتهمتهم للأبرياء متوهمين أن السكوت عنهم هو من التسامح الذي قد يدخل في مثل قوله تعالى {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} (5) وينسون أو يتناسون أن ذلك مما يعينهم على الاستمرار على ضلالهم وإضلالهم للأخرين والله عزوجل يقول {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} (?) وأي أثم وعدوان أشد من اتهام المسلم بما ليس فيه بل بخلاف ما هو عليه ولو أن بعض هؤلاء المتظاهرين بما ذكرنا أصابه من الاعتداء دون ما أصابنا لسارع إلى الرد ولسان حاله ينشد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015