واعلم أن كراهة الصلاة في المساجد المبنية على القبور مضطردة في كل حال سواء كان القبر أمامه أو خلفه يمينه أو يساره فالصلاة فيها مكروهة على كل حال ولكن الكراهة تشتد إذا كانت الصلاة إلى القبر لأنه في هذه الحالة ارتكب المصلي مخالفتين الأولى في الصلاة في هذه المساجد والأخرى الصلاة إلى القبر وهي منهي عنها مطلقا سواء كان المسجد أو غير المسجد بالنص الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم (ص 24)
أقوال العلماء في ذلك
وقد أشار إلى هذا المعنى البخاري بقوله في " الصحيح ": " باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور ولما مات الحسن بن الحسين بن علي رضي الله عنههـ ضربت امرأته القبة على قبره سنة ثم رفعت فسمعوا صائحا يقول: " ألا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه الآخر: بل يئسوا فانقلبوا " ثم ساق بعض الأحاديث المتقدمة فقال الحافظ ابن حجر الشافعي في شرحه:
ومناسبة هذا الأثر للباب أن المقيم في الفسطاط لا يخلو من الصلاة هناك فليزم اتخاذ المسجد عند القبر وقد يكون القبر في جهة القبلة فتزداد الكراهة
(140) (140) - ونقل الشيخ محمد بن مخيمر من علماء الأزهر في " القول المبين " (ص 81) عن الحافظ ابن حجر أنه قال في " شرح الفتح " لحديث ذي الخلصة من " صحيح البخاري " في الكلام على الغزوات ما نصه:
وفي الحديث النهي عن الصلاة في المساجد التي فيها قبور يفتتن الناس بها وأنه يجب إزالتها
قلت: ولم أره في المكان المذكور من " الفتح " فيحتمل أن يكون في موضع آخر منه. والله أعلم