وما أدري الجامعة مفلحةَ في الأدب إذ هي لم تحيِ ذلك العهد ولم تَطو
الأيام إليه، فإن الأمة لا تحيا إذا ماتت لغتها، ولن تموت لغة أمة حية، وما
دامت العربية على أصلها فأدبها ما أخرجه لنا السلف، لا ينقص منه ولكن يزاد عليه بما تمثله الأيام وتبتدعه الأفهام وتستانفه القرائح وتتدبره العقول ويمحصه التحقيق وتُبدعه مذاهب النقدِ، وذلك منشأ الحاجة في الأدب العربي إلى الآداب الأجنبية، وهي حاجة إذا مس إليها فضل الإتقان وزيادة الإحسان فإنه! لا تبلغ أن تجعل أدبنا حَميلة على غيره، لا يقوم إلا به ولا يتعلق إلا عليه، وإنما شأننا في ذلك شأن أدباء الغربيين فيما أخذوه عن اليونان والعرب وغيرهم إلى أن اتجهت لهم هذه الطريقة التي هم عليها اليوم.
فإن كان رجال الجامعة يتوخون تلك الطريقة التي أشرنا إليها فلا عذر لهم
فيما أهملوه، وإلا فهم قد أعذروا من أنفسهم، وهيهات يفيد من لا يعرفون
آداب لغتهم أن تلقى إليهم "المحاضرات عليها باعتبار علاقتها بأهل أوروبا
وخصوصاً بإيطاليا".
فهذا رأينا قذمناه لرجالنا الفضلاء
"وإن تعتِب الأيام فيهم فربما.. ".