هذا فيما يختص بأمر التعليم.
بقيت هناك نقطة أخرى لا بد من التنبيه إليها.
حدث يا حضرات الأعضاء حادث بالجامعة المصرية، وقام من ناحيتها
صوت أفقدها عطف الكثيرين، قد أدى إلى فتنة أو كاد، والأشد والأنكى أن البلاد لم ينلها حظ ولم تنلها مصلحة ظاهرة أو خفية من إثارة ذلك الموضوع الذي تعرض له صاحب ذلك الصوت حتى كان يقال ولو من طريق التساهل: إن الحسنات تكافأت مع السيئات.
وأظن أن حضراتكم بعد هذا البيان قد فطنتم
إلى ما أريد وتبينتم أن الصوت المعنى بقولي هذا هو كتاب "الشعر الجاهلي"
ذلك الذي تضمن طعناً ذريعاً على الموسوية الكريمة والعيسوية الرحيمة، وعلى الإسلام دين الدولة المصرية بنص الدستور.
أيها السادة، إن العقائد كانت وما زالت في الشرق وفي الغرب أيضاً
عواطف حساسة متوثبة متيقظة متأججة ولو ظهرت خامدة؛ فالرجل العاقل يجب عليه أن يبتعد عن كل ما يهيجها، والرجل العالم حقًّا الذي يفهم البيئة التي يعيش فيها والوسط الذي يكتنفه، يجد من علمه متسعاً لا نهاية له لمعالجة
الإصلاح والعيوب الكثيرة دون أن يجد نفسه مضطراً في وقت ما إلى أن يلج
هذا الباب الذي قد يترتب على ولوجه الكثير من الحوادث الجسام والأمور
العظام.
يا حضرات النواب، أرجو أن لا يتأول علينا متأؤل أو يتقول علينا متقول
أو يمتنَّ علينا ممتن بأنه أشد منا غيرة على حرية العلم والتعليم وأعظم منا رغبة
في تأييد حرية الرأي والتفكير.
إنه لا توجد في العالم حريات مطلقة، ولو كان الأمر كذلك لنهشت أعراض بحكم حرية الرأي، ولو كان الأمر كذلك لقام في
البلاد من يهاجم نظام الحكم اعتماداً على حرية الرأي، ولو كان الأمر كذلك لقام في البلاد من يبث مبادئ الفوضوية أو البلشفية استناداً إلى حرية الرأي، ولكن الحرية - يا حضرات الأعضاء - محددة وتنتهي عندما تبتدئ بالتصادم مع مقتضيات النظام والقانون.
أنت حر في كل ما تريد، ولكن حاذر أن تقع تحت سلطة القانون.
إن التعليم حر بنص الدستور، وليس منا من يعارض في ذلك؛ ولكن
الدستور قال أيضاً: إن التعليم حر إلا إذا أخل بالنظام العام، إذا كان منافياً