الأمة في حدها أو سلبها وجب " نزع ملكية، هذه الحرية ولو على الوجه الذي تؤخذ به دور الناس لتطريق شارع. . .
وهذا كله يوضح لك غفلة الجامعة المصرية غفلة تحتاج إلى غسل عينيها
بمحلول مطهر. . . فالأمامة تنظر إلى الجامعة على أنها منها، والجامعة تنظر إلى جمالها في مرآة من وجه طه حسين، فكل ما رأته الأمة شمالاً رأته هي في وجه طه يميناً، وما من هذا العكس بُد ما دام النظران مختلفين، والعكس ينشىء الغلط؛ فمن الطبيعي في أحد النظرين أن تكون الجامعة بوضع غلط الأمة وفي النظر الآخر أن تكون الأمة موضع غلط الجامعة.
قلنا إن علم طه حسين جرأة، فهو لا يأتي بكلام فصل بل بكلام جريء.
وذلك إن كان غلطاً لكنه غلط الجهل لا غلط العلم، فلا عذر منه ولا يجوز
الاحتجاج له، إذ كان العالم الحقيقي لا يعرف الجراءة ولا يتعاطاها، فإن
وجدتَ، من أمره ما تحمله عليها فاعلم أنها جراءة أدلته وقوةِ منطقه وشدة يقينه.
فإن خلا من هذه وأصبته جريئاً فهو الجاهل المغرور المتوقح الذي لا يعتمد
على قوته وعلمه بل على حماقته وشره وعلى ضعف الناس وغفلتهم، وما رأينا قوة طه إلا من هذه الناحية، فهم كالثعابين تخيف بالوهم وإن لم تلدغ. وإن كان السم قد فرغ من أنيابها؛ ولولا أن هذا من أمرها وأمر الناس للعب الصبيان بها واتخذوها جبالاً!
انظر كيف يجهل أستاذ الأدب في الجامعة المصرية هذا الجهل الغريب.
قال في صفحة 17 وهو يريد القرآن:
"كان كتاباً عربياً لغته هي اللغة العربية الأدبية التي كان يصطنعها - كذا -
الناس في عصره" أي في العصر الجاهلي.
وفي صفحة 35: "ولست أنكر أن اختلاف اللهجات كان حقيقة واقعة بعد
الإسلام، ولست أنكر أن الشعر قد استقام للقبائل كلها رغم هذا الاختلاف، ولكني أظن أنك تنسى ما يحسن أن لا تنساه، وهو أن القبائل بعد الإسلام قد اتخذت للأدب لغة غير لغتها وتقيدت في الأدب بقيود لم تكن لتتقيد بها لو
كتبت أو شعَرتْ في لغتها الخاصة، فلم يكن التميمي أو القيسي حين يقول
الشعر في الإسلام يقوله بلغة تميم أو قيس ولهجتهما، إنما كان يقوله بلغة
قريش ولهجتها!.
ثِم جاء الشيخ بمثل من أدب اليونان، ثم قال: "وكذلك فعل العرب بعد