سُئل عنه السلف من المسلمين واليهود أما النصارى ففي شفاعة. . . " لأنكروه أشد الإنكار.

ثم يرى طه أن من الممكن أن يكون الإنسان ذا دين يؤمن بما لم يثبته

العلم، ويكون عالماً لا يقر ما لم يثبته العلم قال: فكل امرئ هنا يستطيع إذا

فكر قليلاً أن يجد في نفسه شخصيتين ممتازتين.

إحداهما عاقلة تبحث وتنتقد وتحلل "يعني وتكفر" وتغير اليوم ما ذهبت إليه أمس، والأخرى شاعرة تلذ وتألم وتفرح وتحزن وترضى وتغضب في غير نقد ولا بحث ولا تحليل، وكلتا الشخصيتين متصلة بمزاجنا وتكويننا، لا نستطيع أن نخلص من إحداهما.

فما الذي يمنع أن تكون الشخصية الأولى عالمة باحثة نافذة، وأن تكون الشخصية الثانية مؤمنة ديانة مطمئنة طامحة إلى المثل الأعلى؛ وأنا أؤكد أن هذا اللون من الحياة النفسية وحده هو الذي يكفل السلم بين العلم والدين، وهو أيسر على المسلم منه على اليهودي والنصراني.

فأما أن تقف موقف المؤولين فتغير النص وتحمله ما لا يطيق، فإنك لا تنصر الدين ولا تؤيده، وإنما تفسده وتنزله عند

إرادة العلم، وتعترف بأن السلف كله كان خاطئاً حين فهم الكتاب على غير ما تفهم وعلى غير ما يفهم العلم.. ما لك لا تدع للعلم حركته وتغيرَه، وللدين ثباته واستقراره؛ إنك إنما تجعل الدين هزءاً وسخرية بإخضاعه لهذا النوع من العبث الذي يسمى تأويلاً، وخير من هذا النحو من العبث وإفساد النصوص الإلحادُ الصريح ".

انتهى، كلام طه بحروفه، وتلك خلاصة مقالة لم ندع منها إلا الحشو وإلا

ما هو زيادة في الكفر أو ما لا طائل تحته، وأنت تراه يدير الكلام على نفسه

ويقيم لنفسه المعاذير مما فعل في دروس الجامعة ومما سيفعل، فإن مقاله هذا

مصارحة للأمة كلها بالعداء، وإصرار على ما أنكرته منه، وإعلان إليها أنه لن يتغير، وأنه سيجحد ملء نفسه وعقله، وأنه مُرصِد لها ولدينها؛ ثم يزعم للناس أنه مع ذلك مسلم مؤمن، والمقال بجملته تفسير وتوجيه وتعليل لكفر الرجل بحجة العلم يريد أن يثبت فيه أنه من الممكن أن يكون مثله كافراً أشد الكفر على اعتبار أنه عالم يبحث بعقله، ثم لا يمنع ذلك أن يكون مؤمناً أقوى الإيمان على اعتبار أنه شاعر يحتوي الإيمان في شعوره!

وليس يخفى أن الشعور محل الغفلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015