"نظراً للتواريخ القديمة إن ماء زمزم خرجت من ضربة قدم سيدنا إسماعيل
ومن المعاني والمعالي. . . زيارة بيت الله المقدس أهم المادة وهي اجتماع
مسلمين العالم في كل سنة في الأراضي المقدسة الحجازية بتأبيد الولاء
والمخالصة بين عالم الإسلامي ".
انتهي وأشهد أن لا إله إلا الله!.
وأما بعد، فهذه الألفاظ التي نقلناها إنما تنزل من أصولها الجزلة الفصيحة
منزلة أولئك الكتاب المفتونين من أصولهم في البلاغة والرأي والتدقيق، فلو
خُلق اللفظ من هذه الجملة إنساناً لكان واحداً منهم، ولو مُسخ الواحد منه
لفظاً لكان كلمة منها، أفيقبل منا بعد ذلك أن نغفل عنهم أو نتسامح في أمرهم أو نترخص معهم في أسلوب أو قاعدة أو كلمة؟.
ألا إن الأوزان إنما هي بمقاديرها في الميزان وفاء ونقصاً، لا بمقاديرها
في أنفسها زعماً ودعوى، فلا تزعمت لي أنك أنت من أنت وأن لغتك هي ما هي وأن الرأي ما ترى والكتابة ما تكتب، بل هلُّم إلى ميزانك من علماء الكلام إلى ميزان لغتك من اللغة وإلى رأيك من الحقيقة وإلى كتابتك من الكتابة، وأنت بعدُ وقبلُ أيضاً لا تستطيع أن تهجم على علم من العلوم فتقول فيه قولاً إلا على قياس من العلم نفسه ترد إليه قولك وتقيم به حجتك ثم لا يقبل قولك مع هذا ولا يُعد قولاً حتى تكون من أهل هذا العلم وممن لابسوه وقتلوا مسائله درساً وبحثاً، وأنت كذلك إذا عرضت لك مسألة في فن من الفنون رجعت إلى كتبها وإلى أهلها ففتشت أقوالهم قبل أن تقول شيئاً، وعرفت حكمهم قبل أن تحكم بشيء؛ واتقيت الخطأ بصوابهم، وتحاميت التقصير باجتهادهم؛ ثم ما هو إلا أن تنزل على رأيهم في العلم والفن لا تحاول مكراً ولا تتكل على خداع من الرأي ولا تتعلل بعذر من الأعذار، فليت شعري لِمَ يكون ذلك منك في علم
وفي كل علم وفي كل فن ولا يكون كذلك في اللغة وأصولها والكتابة وأساليبها والبلاغة ومذاهبها؟.
ثم ما هي اللغة؟ أفرأيت قط شعباً من الدفاتر قامت عليه حكومة من
المجلدات وتملك فيها مَلك من المعجمات الضخمة. . . أم اللغة هي أنت وأنا
ونحن وهو وهي وهم وهن، فإذا أهملناها ولم نأخذها على حقها ولم نحسن
القيام عليها وجئت أنت تقول: هذا الأسلوب لا أسيغه فما هو من اللغة، ويقول غيرك: وهذا لا أطيقه فما هو منها، وتقول الأخرى: وأنا امرأة أكتب كتابة أنثى. . . وانسحبنا على هذا نقول بالرأي ونستريح إلى العجز ونحتج بالضعف