نعطيكم أنسابنا لتقطعوها، ولا أرواحنا لتهلكوها، ولعنة اللهْ على حرية تفكير أولُ ما فيها أن أكون عدو أبي وأن يكون أبي عدوي!
إن هذه الجامعة بعد الذي قد بدا منها ومن مديرها لأحقُّ بالمراقبة من
الأظناء والمتهمين "والمشبوهي"! حتى تستقيم على منهاجها وتخلُص لها نيةُ
الأمة ويثق بها العلماء والأدباء؛ فكما أعطيت الاستقلالَ "سنةَ تجربة" يجب أن
تحرمَهُ "سنة تجربة" إلى سنتين إلى ثلاث إلى مائة إلى آخر ما في عمر طه حسين
وأمثاله ممن جاؤوا إلى هذه الجامعة من تاريخ دنِس ملوَّث بالإلحاد ليس فيه
موضع ثقة ولا أمانة.
ألا وإن الأمة الإسلامية لتعلم حق العلم أنها مبتلاة في عداد مصائبها بفئة
من أذكيائها يناقضونها الرأيَ في الدين والأخلاق واللغة والأدب، وهم في ذلك قوم مرضى العقول أصيبوا بنحو مما يسمى بجنون الفكرة الثابتة، فلا تردهم قوة من القوى عن آرائهم وأوهامهم في الإصلاح ما داموا آمنين مرزوقين؛ فبعض هؤلاء يريد جعلَ اللغة عامية لتنتهي الأمة يوماً إلى نسيان قرآنها وإهماله والتفصي منه، وبعضهم يتعجل هذه العاقبة فيريد الانسلاخ من هذا الدين ضربة واحدة بقرار من الحكومة أو بجنون حكومي كالذي وقع في تركيا، والعاقل من أولئك من يتماسك ويتصابر ويتسبب إلى غايته في رفق وهينة ومكر وسياسة، فيذهب إلى صوغ الأمة في عقولها في مدرسة كبرى كالجامعة. . .!
وشريطته في هذه المدرسة أن تكون للحكومة، لما يعلم من حاجة الناس إلى مدارسها وشهاداتها، ثم أن تكون هي مستقلة عن الحكومة قائمة على حرية التفكير بنص قانونها، وبمعنى أوضح من هذا، يريد هذا الفريق الذكي أن تكون الحكومة في العاملة في تكفير الأمة من حيث تدري أو لا تدري، وبالمعنى المكشوف الصريح: يريدون من نواب الأمة أن يهدموا الأمة التي أنابتهم عنها، فيا شرها من قملة خبيثة تتوهم أنها ستلد أربعة عشر مليون قملة لتقع في رأس كل مصري واحدة. . . ثم لا يكون الفوجُ الأول المقتحم إلا لرؤوس النواب خاصة. . .!
هَبُوا الجامعةْ المصرية قائمة بنفسها وبما حبس عليها الواقفون ولا شأن
للحكومة بها ولم تستلحِق مدرستي الحقوق والطب، واجعلوها على ذلك
مستقلة إلى أبعد ما في الاستقلال؛ قائمة على أوسع المعاني في حرية التفكير
والتكفير، فماذا يجدي عليها كل ذلك وأضعاف ذلك؛ إنها يومئذ لا تكاد تنكر إبراهيم وإسماعيل حتى لا ترى مسلماً ولا يهودياً ولا نصرانياً، وحتى تصبح خاوية على جذوعها من طه وأمثال طه، وهذه حقيقة لا شبهة. فيها، فليس الأمر