ويقول الشيخ في صفحة 149: "ولنسرع إلى القول بأن وصف اللهو مع

العذارى وما فيه من فحش أشبه بأن يكون من انتحال الفرزدق منه بأن يكون

جاهلياً، فالرواة يحدثوننا أن الفرزدق "تنبه! فإن النص مترجم. . . "

خرج في يوم مطير إلى ضاحية البصرة فاتبع آثاراً حتى انتهى إلى غدير، وإذا فيه نساء يستحممن - يريد يستنقعن - فقال، ما أشبه هذا اليوم بيوم دارة جلجل.

ليس كذا قال وإنما هو: الم أر كاليوم قط ولا يومَ دارةِ جلجل "

وولى منصرفاً؛ فصاح النساء به: يا صاحب البغلة! فعاد إليهن، فسألنه وعزمن عليه ليحدثهن بحديث "دارة جلجل" فقص عليهن قصة امرئ القيس وأنشدهن قوله:

ألا رُبَّ يوم لك منهن صالح. . . ولاسيما يوم بدارةِ جلجل

قال الشيخ والذين يقرأون شعر الفرزدق ويلاحظون فحشه وغلظته وأنه قد

لِيم على هذا الفحش وهذه الغلظة، لا يجدون مشقة في أن يُضيفوا إليه هذه

الأبيات، فهي بشعره أشبه" انتهى.

قلنا: ولكن الأستاذ قد كذب وزاد في النص، فإن الرواية في الأغاني في

أخبار الفرزدق وليس فيها أن الفرزدق أنشدهن الأبيات، فكيف تكون من شعره؟

وعلى قياس طه فكل شاعر من شعراء الهجاء يمكن أن يلحق بشعره كل قول فيه هجاء وسب وإقذاع ويقال إنه بشعره أشبه، فيكون هذا هو البرلمان. . . وكل متغزل يضاف إليه شعر كل متغزل لأن طباعهما متشابهة وما يقوله هذا يقول هذا مثله؛ على أنه وصف أغلبُ على امرئ القيس من أنه غَوِي عاهر متفحش، وهو يجري في شعره من ذلك على خلق وطبيعة، وله جرأة عليه تشعرك أنه ابن ملك يرى لنفسه كلمة فوق كلام الناس، فكلامه إنما يشاكل نفسه، وفحشهُ إنما يأتيه من قبل الغزل والنسيب، لا كفحش الفرزدق فذاك من قبل الهجو واللؤم.

والفرزدق لا يعد من شعراء الغزل، وقد كان أهل الحجاز يقدمون

"جميلاً" عليه وعلى جرير معاً لموضع جميل من النسيب وقلة غنائهما فيه.

وكانا يعلمان ذلك من نفسيهما ولا يريان الشعر إلا في بابهما في الفخر

والهجاء، فروى أبو الزناد عن أبيه قال، قال لي جرير: يا أبا عبد الرحمن، أنا أشعر أم هذا الخبيث؟ يعني الفرزدق، وناشدني لأخبرنه، فقلت: لا والله ما يشارككْ ولا يتعلق بك في النسيب: قال: أوَّه قضيتَ وال له له علي. أنا والله أخبرك. ما دهاني إلا أني هاجيت كذا وكذا شاعراً وأنه تفرد لي وحده.

أما حديث الفرزدق الذي استدل به طه فهو عندنا موضوع، لأن الفرزدق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015