هذا الانتحال حتى يذيع صاحبه أنه سمع حساناً ينشد هذا الشعر بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - كل هذا بأربعة آلاف درهم، ولكن صاحبنا كره أن يكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -

بهذا المقدار - واستباح أن يكذب على عائشة - رضي الله عنها - اهـ.

فهل تجد أنت في القصة مساومة أو ما يشير إليها حتى يكون الرجل

المسلم لم يكره الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لقلة الثمن؛ وهل فرق في الكذب بين أن يكون بأربعة آلاف أو بعشرة أو أقل أو أكثر إن لم يكن الإيمان هو الذي منع الرجلَ منه للحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من كذب علي عامداً متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" غير أن فقه الرواية أن نفس طه في جشعها وتكالبها على

المال حلالاً وحراماً وفى رقة دينها وإيمانها، هي التي أوحت إليه هذا التعليل

السخيف البارد، فحسب أنه لو كان هو المسؤول أن يكذب لقال للسائل: يا هذا، إن الكذب على عائشة بكذا وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا، فإذا لم تبذل إلا أربعة آلاف فلا أكذب إلا على عائشة..

والرواية في عبارتها صريحة واضحة لا لبس فيها، ولكن طه كما وصفنا

ثمرة لم تنضج إلا مُرة شديدة المرارة، فليست تُذاق أبداً إلا دلت على نفسها

وتركت طعماً من مرارتها ينبئ عنها؛ ولو أن الجامعة المصرية ألحقت من أجل

ذلك بشركة السكر. . . لأفلست الشركة في إحلاء هذه الثمرة ولا تحلو!

ويقول في صفحة 56 "في عصبية قريش على الأنصار" إنه كان من قريش

من يتجاوز الاقتصاد في العصبية إلى شيء يشبه العطف على الأنصار والرثاء

لهم، ولعل الزبير بن العوام كان من هؤلاء العاطفين على "الأنصار" الراثين لهم الحافظين لعهدهم والراعين لوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم، فقد يحدثنا - كذا - الرواة أنه مر بنفر من المسلمين فإذا فيهم حسان وهم غير حافلين بما يقول فلامهم على ذلك وذكرهم موقع شعرِ حسان من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأثر ذلك في نفس حسان فقال

يمدحه: وأحب أن تلتفت إلى أول هذا الشعر.

فهو حسن الدلالة على ما أريد أن أثبته من دخول الحزن على نفوس "الأنصار" لهذا الموقف الجديد الذي وقفته منهم قريش، وأول الشعر هو:

أقام على عهد النبي وهديهِ. . . حوارِيُّه والقولُ بالفعل يُعدَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015