مسائل الدين والجدال في معضلات الفلسفة؛ أمِن حُججهم الفلسفية كانت تلك الحجارةُ التي نص التاريخ على أنهم كانوا يقذفون بها النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يُلجئوه إلى الحائط، وذلك الترابُ الذي كانوا ينثرونه على رأسه؟ أم قولهم: شاعر وساحر وكذاب ومجنون، ونحوها مما يدخل في باب الحمق والسفاهة والاستهزاء؟
ومتى كانت هذه من صفات الفلاسفة يا شيخ الجامعة؟ أم كان من حججهم
الفلسفية حين عرض نفسه على قبائل العرب يدعوهم إلى الإسلام ويتلو عليهم القرآن أن أتبعوه عمه عبدَ العُزى يقول من ورائه:
"يا أيها الناس لا تسمعوا منه فإنه كذاب"
أو كانت مجالسهم العلمية والدينية والفلسفية حين كان - صلى الله عليه وسلم - يجلس فيدعو الناس ويتلو عليهم القرآن ثم يقوم فيأتي عالمهم ومتكلمهم النضر بن الحارث فيخلفه في مجلسه ويقص على الناس من أخبار ملوك فارس ويقول: والله ما محمد بأحسنَ حديثاً مني، وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها كما اكتتبتُها!..
إن معنى الخصام واللدد أنهم سفهاء أهل تكذيب وعناد ومكابرة وتأبٍّ
على من يريد هدايتهم وإرشادهم، لا يمكن صرفهم عن رأي يكون فيه الهوى، كما لا يمكن مثل ذلك في الجاهل الأحمق المصر المبتلى بالاستهتار والشك.
فإن أصل الألد في اللغة الشديد اللدد أي صفحة العنق، فلا يلوي عنقه في
الصراع، وذلك من أكبر الأدلة على وثاقة تركيبه الجسماني فإن عنق المصارع ثُلث المصارع، ولقد كانت هذه الطباع الجاهلة الحمقاء المكابرة من أوضح الأدلة على إعجاز القرآن، لأنه مع إصرارها بلغ منها، ومع عنادها أثر فيها ببلاغته، فلو كانوا كما زعم طه " أصحاب علم وذكاء وأصحاب عواطف رقيقة وعيش فيه لين ونعمة" لما كانت هدايتهم شيئاً يذكر في باب المعجزة.
أولسنا نرى اليوم في الأمم المتحضرة الرقيقة ذات النغمة الفاشية من ينقادون أسهل انقياد وأسرعه لكل ذي مذهب، حتى لعبادة الشيطان في أمريكا بلاد كل شيء ذهبي. . .؟
وكيف يكونون "أصحاب عيش فيه لين ونعمة " وهم أنفسهم حين اجتمع
أشرافهم من قبائل قريش ليكلموا النبي - صلى الله عليه وسلم - ويخاصموه حتى يعذروا فيه قالوا له فيما قالوا: "قد علمتَ أنه ليس أحد من الناس أضيقَ يداً ولا أقل ماء ولا أشد عيشاً منا"
ولما نزل قوله تعالى: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) .
قال الزبير بن العوام عن أي النعيم نسأل يا رسول الله؟ إنما هما الأسودان - التمر والماء