عنه ثوب الرواية، نزعنا في الثوب الحادثة والرواية والممثل جميعاً، ورجع طه
حسين وهو طه حسين. وأين هو أو مثله من وسائل القدرة، وما وسائلها إلا
القلم الذي لا يجارى، والفكر الذي لا يُنقض، والخيال الذي لا يُلحق، والقوة المستحصدة، والطبع المستجيب، والكلام الذي تراه حياً. سامياً فتحسبه ينبع من موضع يد الله في النفس الإنسانية.
على أن أستاذ الجامعة إنما يقلد الهدامين من جبابرة العقول في أوروبا.
وإنه منهم ولكن كما تكون هذه الكرة الجغرافية، المدرسية التي تصور عليها
القاراتُ الخمس - من كرة الأرض التي تحمل القارات الخمس. . . ولأيسرُ
عليه أن يملك أوروبا أو أمريكا من أن يملك عقلاً كتلك العقول التي يحاول
مثل عملها في غير هندستها ولا حكمتها ولا سموها ولا معانيها؛ وظنك أنت
قد غرستَ في جناح غراب ريشة من الطاووس لتكون زرعاً يُنبت الريش من مثله فينقلب الغراب من ذلك يوماً يزدهي ويتخايل وَيبرُق ويرف بألوانه وتحاسينه، فإنه لينقلب طاووساً قبل أن تعد طه حسين عبقريا فيلسوفاً..! فالرجل متخلِّف الذهن تستعجم عليه الأساليب الدقيقة ومعانيها وأكبر ما معه أنه يتحذلَقُ ويتداهى ويتشبه بالمفكرين ولكن في ثوب الرواية. . .!
هو وأمثاله المجددون يسمَّون كتَّاباً وعلماء وأدباء، إذ كان لا بد لهم من
نعت وسِمة فى طبقات الأمة، غير أنهم على التحقيق غلطات إنسانية تخرجها
الأقدار في شكْل علمي أو أدبي لتعارض بها صواباً كاد يهمله الناس، فيخشى
الناس أن يتحئفَ الخطأ صوابهم أو يذهب به، فيستمسكون بحبله ويشدون
عليه، ويعود ذلك الصواب بعد ظهور الخطأ الذي يقابله ووقوفِه بإزائه موقف العدو من العدو، كأنما ظهر دليلُه لا نقيضه، فيعرف الناس وجه الحاجة إليه، ومكان الغناء فيه، وضرورة المنفعة به، وكان وشيكاً أن يضيع، فكأنهم استنقذوه، وكل ذلك مما يُكبره ويرفعه ويُبين عنه أحسن إبانة وأوضحها، وكل ذلك مما يُغري به الحرص على سنة طبيعية قاهرة لا تُدافع؛ وما زالت هذه من عجائب حكمة الله فيما يحوط به هذا الدين الإسلامي وكتابه العربي الخالد، فكلما وهَن عصر من عصوره رماه الله بزنديق فإذا الناس أشد ما كانوا طيرة وأبلغ ما كانوا دفعاً ومحاماة، وإذا الدين أقوى ما كان فيهم وأثبت، وإذا الزنديق
كأنما سِيقَ إليهم من جهنم ليقول لهم: هلم إليها! فيقول ميسم النار عليه: إياكم وإياها!
فالمجددون الملحدون هم جزء من الخطأ يخرج من عمله جزء من