فوجّهه [462] فى ثلاثة آلاف، وقال له:
- «مر مناديا فليناد: من لحق بنا فله ديوان.» فنادى بذلك فى السوق، فتسارع الناس، وكتب المفضّل إلى أخيه مدرك وهو ببلخ أن يسير معه. فنزل عثمان جزيرة بالترمذ يعرف اليوم بجزيرة عثمان، فى خمسة عشر ألفا، وكتب إلى السّيل وطرخون، فقدموا عليه، وحصروا موسى، فضيّقوا عليه وعلى أصحابه، وخندق عثمان وحذر البيات، فلم يقدر موسى منه على غرّة، فقال يوما لأصحابه:
- «حتّى متى؟ أخرجوا بنا، فاجعلوه يومكم، إمّا ظفرتم وإمّا قتلتم.» وقال لهم:
- «اقصدوا للصّغد والترك.» وخلّف النضر بن سليمان بن عبد الله بن خازم فى المدينة وقال له:
- «إن قتلت فلا تسلمنّ المدينة إلى عثمان، بل ادفعها إلى مدرك بن المهلّب.» وخرج، وصيّر بإزاء عثمان قوما من أصحابه وقال:
- «لا تهايجوه حتّى يقاتلكم.» وقصد لطرخون، فصدقه، فانهزم طرخون والترك، وأخذوا عسكرهم، فجعلوا ينقلونه، وكرّت الصغد [1] والترك راجعة، فحالوا بين موسى وبين الحصين، فقاتلهم، فعقر به، فسقط، فنادى مولى له:
- «احملنى ويحك.» فقال:
- «الموت كريه، ولكن ارتدف [463] فإن نجونا نجونا معا، وإن هلكنا هلكنا معا.»