فشجّع الناس مقدمه وقالوا:

- «هذا يقوم مقام جبلة.» فسمع هذا الكلام من بعضهم أبو البختري، فقال:

- «قبحتم [1] ، إن كان كلّما قتل رجل واحد ظننتم أن قد أحيط بكم، فإن قتل الآن مصقلة ألقيتم بأيديكم [2] وقلتم: لم يبق أحد نقاتل معه. ما أخلقكم أن يخلف رجاؤنا فيكم.» وكان قدم بسطام من الرىّ.

قال أبو المخارق: قاتلناهم مائة يوم أعدّها عدّا لا يزيد يوما ولا ينقص يوما وما كنّا قطّ [425] أجرأ عليهم ولا هم أهون علينا منهم فى ذلك اليوم. وذلك أنّا قاتلناهم عامة يومنا أحسن القتال قاتلناهم قطّ ونحن آمنون من الهزيمة عالون القوم، إذ خرج سفيان بن الأبرد الكلبي فى الخيل من ميمنة أصحابه حتّى دنا من الأبرد بن قرّة التميمي وعلى ميسرة عبد الرحمان بن محمد. فو الله ما قاتله كبير قتال حتّى انهزم. فأنكرها الناس منه، وكان شجاعا، ولم يكن الفرار له بعادة.

فطن [3] الناس أنّه كان أو من وصولح على أن ينهزم بالناس. فلما فعلوا تقوّضت الصفوف من نحوه، وركب الناس رؤوسهم وأخذوا فى كلّ وجه.

فصعد عبد الرحمان بن محمد المنبر، وأخذ ينادى الناس:

- «إلىّ إلىّ، أنا محمد.» فأتاه عبد الله بن رزام الحارثي، فوقف تحت منبره فى خيل له، وجاءه عبد الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015