فجاءه من الغد ابن عبّاس، وقال له:
- «إبن عمّ، إنّى أتصبّر، ولا أصبر، وإنّى أتخوّف عليك فى هذا الوجه الهلاك. إنّ أهل العراق قوم [92] غدر، فأقم بهذا البلد، فإنّك سيّد أهل الحجاز. فإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا، فاكتب إليهم، فلينفوا عدوّهم، ثمّ اقدم عليهم، فإن أبيت إلّا الخروج، فسر إلى اليمن، فإنّ بها حصونا وشعابا، وهي أرض عريضة طويلة، ولأبيك بها شيعة، وأنت فى عزلة عن الناس، فتكتب وتبثّ دعاءك، فإنّى أرجو أن يأتيك ما تحبّ فى عافية.» فقال له الحسين:
- «يا ابن عمّ، إنّى أعلم أنّك ناصح شفيق، ولكنّى قد أجمعت على المسير.» فقال له ابن عبّاس:
- «فإن كنت سائرا، فلا تسر بنسائك، وصبيتك، فو الله إنّى أخاف أن تقتل كما قتل عثمان، ونساءه وولده ينظرون إليه، وو الله الذي لا إله إلّا هو: لو أعلم أنى إذا أخذت بشعرك وناصيتك، حتّى تجتمع علىّ وعليك الناس، أطعتنى وأقمت، لفعلت.» فلما أبى عليه، قال له: