على منزل، ولا يواسيه بنفسه إن عرض له عدوّ. فبقى متلدّدا فى أزقّة الكوفة، لا يدرى أين يذهب.

فمشى حتّى انتهى إلى باب امرأة [يقال لها: طوعة] [1] كانت أمّ ولد للأشعث، فزوّجها أسيدا [2] الحضرمي، فولدت له بلالا. وكان بلال خرج مع الناس، وأمّه قائمة تنتظر، فسلّم مسلم عليها، فردّت عليه، فقال لها:

- «يا أمة الله، اسقيني ماء.» فدخلت، فسقته، فجلس، فقالت:

- «يا عبد الله، اذهب إلى أهلك.» فسكت، ثمّ عادت، فسكت، فقالت:

- «سبحان [85] الله! قم إلى أهلك، فما يصلح الجلوس على بابى، ولا أحلّه لك.» فقال:

- «يا أمة الله، ما لي فى هذا المصر منزل، ولا عشيرة، فهل لك فى أجر ومعروف، ولعلّى أكافئك به بعد اليوم.» قالت:

- «وما ذاك؟» قال:

- «أنا مسلم بن عقيل، كذبني هؤلاء القوم، وغرّونى.» قالت:

- «أدخل!» ولم يكن بأسرع من أن جاء ابنها. فقالت:

- «يا بنىّ، مكرمة وافتك.» وأخذت عليه الإيمان، أن لا يخبر أحدا، فحلف، فأخبرته الخبر، فاضطجع وسكت.

وأخذ ابن زياد لا يسمع لأصحاب ابن عقيل صوتا، فقال لأصحابه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015