وهم يظنّون أنه الحسين بن علىّ، حتّى نزل القصر، واجما كئيبا لما رأى.

ثمّ جمع الناس فخطبهم، وأعلمهم نيّة يزيد [1] فى الإحسان إلى سامعهم ومطيعهم، والشدّة على مريبهم وعاصيهم، ووعد، وأوعد، وختم الخطبة بأن قال:

- «ليبق امرؤ على نفسه، الصدق ينبئ عنك لا الوعيد [2] » ثمّ أخذ العرفاء أخذا شديدا، ودعا الناس، فقال:

- «اكتبوا لى العرفاء، ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين، وأهل الريب، الذين رأيهم الخلاف والشقاق، فمن كتبهم لنا، فهو بريء، ومن لم يكتب لنا أحدا، فليضمن لنا ما فى عرافته: أن لا يخالفنا منهم مخالف، ولا يبغى علينا فيهم باغ، فمن لم يفعل ذلك، فبرئت منه الذمّة وحلال علينا دمه وماله. وأيّما عريف وجد فى عرافته من بغية [3] أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إلينا، صلب على باب داره، وألقيت تلك العرافة من العطاء.»

[77] ذكر تلافى عبيد الله ملك يزيد بعد أن أشرف على الذهاب، وما كان من حيله ومكايده

ثمّ إنّ عبيد الله دعا مولى له، فأعطاه ثلاثة آلاف درهم، وقال له:

- «اذهب، حتّى تسأل عن الرجل الذي يبايع أهل الكوفة [4] ، فأعلمه: أنّك رجل من أهل حمص جئت [5] لهذا الأمر، وهذا مال تدفعه إليه، ليتقوّى [6] به.» فلم يزل يتلطّف، ويرفق، ويسترشد، حتّى دلّ على شيخ من أهل الكوفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015