نفسه. الزم الحرم، فإنك سيّد العرب، لا يعدل بك أهل الحجاز أحدا، ويتداعى الناس إليك من كلّ جانب.»
فأمّا محمد بن الحنفيّة، فإنه أتاه، فقال:
- «يا أخى، أنت أعزّ خلق الله علىّ، ولست أدّخرك نصيحتي [1] ، تنحّ عن الأمصار ما استطعت، ثمّ ابعث رسلك إلى الشام، فادعهم إلى نفسك فإن بايعوك، حمدت الله عليه، وإن اجتمع على غيرك، لم ينقص الله بذلك دينك، ولا عقلك، ولا يذهب به مروءتك ولا فضلك. إنى أخاف أن تأتى مصرا من الأمصار، فيختلف الناس بينهم، فمنهم طائفة معك، والأخرى عليك، فيقتتلوا، فتكون لأوّل الأسنّة، فإذا خير هذه الأمّة نفسا، وأبا، وأمّا، أضيعها دما، وأذلّها أهلا.» فقال له الحسين:
- «فأين أذهب يا أخى؟» قال:
«انزل مكّة، فإن اطمأنّت بك الدار فسبيل ذلك، وإن نبت لك، لحقت بالرمال، وشعف [2] الجبال، وتنقّلت [3] من بلد إلى بلد حتّى يفرق [4] لك الرأى، فتستقبل الأمور استقبالا، وتستدبرها استدبارا.» فقال:
- «يا أخى، قد نصحت وأشفقت.»