- «لقد أحدثتم أحداثا، وقد أحدثنا لها عقوبات [1] فمن غرّق قوما غرّقناه، ومن حرّق على قوم حرّقناه، ومن نقب على قوم نقبت قلبه، ومن نبش قبرا دفنته حيّا. فكفّوا أيديكم وألسنتكم، أكفف يدي وأذاى. لا يظهر من أحد منكم خلاف ما عليه عامّتكم إلّا ضربت عنقه.
- «وقد كانت بيني وبين قوم أحن، فجعلت ذلك دبر أذنى، وتحت قدمي. فمن كان منكم محسنا، فليزد إحسانا، ومن كان مسيئا، فلينزع عن إساءته. إنّى لو علمت أنّ أحدكم قد قتله السلّ من بغضي، لم أكشف له قناعا، ولم أهتك له سترا، حتّى يبدى لى صحيفته. فإذا فعل، لم أناظره، فاستأنفوا أموركم، وأعينوا على أنفسكم، فربّ مبتئس بقدومنا سيسرّ، ومسرور بقدومنا سيبتئس.
- «أيها الناس، إنّا أصبحنا لكم ساسة، وعنكم ذادة، [53] نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا، ونذود عنكم بفيء الله الذي خوّلنا. فلنا عليكم السمع والطاعة فى ما أحببنا، ولكم علينا العدل فى ما ولينا، فاستوجبوا عدلنا وفيئنا بمناصحتكم.
- «واعلموا أنّى مهما قصّرت عنه، فإنّى لا أقصّر عن ثلاث:
لست محتجبا عن طالب حاجة منكم، ولو أتانى طارقا، ولا حابسا عطاء عن إبّانه ولا مجمّرا لكم بعثا، فادعوا الله بالصلاح لأئمّتكم، فإنّهم ساستكم المؤدّبون، وكهفكم الذي إليه تأوون، ومتى تصلحوا، يصلحوا [2] ، ولا تشربوا قلوبكم بغضهم، فيشتدّ لذلك غيظكم، ويطول له حزنكم. ولا تدركوا حاجتكم، مع أنّه لو استجيب لكم،