وإنما أراد معاوية أن يولّى زيادا، فولّى الحارث كالفرس المجلّل، فقدم زياد البصرة، فخطب خطبته البتراء [1] ، ثمّ قال:
- «أمّا بعد، فإنّ الجهالة الجهلاء، والضلالة العمياء، والعجز [2] الموقد لأهله النار، الباقي عليهم سعيرها، ما يأتى سفهاؤكم، ويشتمل عليه حلماؤكم من الأمور العظام، [51] ينبت [3] فيها الصغير، ولا يتحاشى منها الكبير، [كأن لم تسمعوا بآى الله، ولم تقرأوا كتاب الله، ولم تسمعوا ما أعدّ [4] الله من الثواب الكريم لأهل طاعته، والعذاب الأليم لأهل معصيته، فى الزمن السرمد الذي لا يزول. أتكونون كمن طرفت عينه الدنيا، وسدّت مسامعه الشهوات، واختار الفانية على الباقية، ولا تذكرون [أنّكم] [5] أحدثتم [6] فى الإسلام الحدث الذي لم تسبقوا إليه [7] [من ترككم] [8] هذه المواخر [9] المنصوبة، والضعيفة المسلوبة، فى النهار المبصر، والعدد غير قليل.